
هناك "البتر تشيكن"، ثم هناك "البتر تشيكن" الخاص على طريقة "بابا"، النوع الذي لا يغذي رغباتك فحسب، بل يثير ذكريات أصيلة.
يقع مطعم "دجاج بابا" على امتداد شارع الشيخ زايد المزدحم في دبي، وقد يكون وافداً جديداً على مشهد المطاعم في المدينة، إلا أن جذوره ضاربة في أعماق التاريخ. تأسس هذا المطعم البنجابي الشهير عام 1962 في "لوديانا" بالهند، على يد الراحل "إس. هيمات سينغ"، المعروف باسم "بابا جي" وقد حظي هذا المطعم برعاية واهتمام كبيرين عبر الأجيال. واليوم، يقود حفيده "أفنيت سينغ" هذا الإرث، موسّعاً نطاقه اللذيذ من الهند وكندا إلى الشرق الأوسط.
فكيف يمكن لمطعم شهير في شمال الهند أن ينقل سحره إلى مدينة متنوعة ومتميزة مثل دبي؟
إنه مذهل.
سمعتُ عن "بابا" من صديق بنجابي يُشيد به، شخصٌ تربى على هذا النوع من الطعام، وعندما وصفه بأنه "أفضل طبق "بتر تشيكن" في "أمريتسار"، عرفتُ أن نظامي الغذائي الصحي سيصمد ليوم أو يومين دون تناوله.
من لحظة دخولك، ستشعر بالصخب والدفء. إنه ليس مطعماً فاخراً، ولا مطعماً تقليدياً للوجبات السريعة، بل هو المكان الأمثل: مساحة نابضة بالحياة، تُعيد إلى الأذهان ذكريات الماضي (بتصميمات داخلية مميزة)، تفوح منها رائحة دخان التندور، والتوابل المطهوة على نار هادئة، وكرم الضيافة.
لنبدأ بالمقبلات. تجنبتُ السلطات، لأنني كنت أريد الاستمتاع بوجبة حقيقية كاملة، واكتفيتُ "بالباباد" والبصل النيء وصلصة "الشاتني" الخضراء المنعشة التي تُوقظك من النوم.
لفائف لحم الضأن تفوقت على نظيرتها بالدجاج بنكهة طرية مميزة، حافظت على نكهتها دون أن تكون ثقيلة. أما "كباب داهي كي" الذي أوصى به النادل، فكان مفاجأة كبيرة. مقرمش من الخارج، وكريمي وحامض من الداخل، إنه خيار نباتي مرن لن يمانعه حتى آكلو اللحوم.
بالنسبة للأطباق الرئيسية، فقد انحرفتُ عن المسار المتوقع وطلبتُ "تاوا ماتون تيكا". هذا الطبق يستحقّ شهرةً أكبر. إنه مرق غنيّ متبّل بعمق، ولحم ضأن ذائبٌ كأنّه في مكانٍ أفضل. بالطبع، غطّيتُ كل ذلك بخبز "نان" ساخن بالزبدة.
وجربنا أيضاً سمك "بابا" المقلي، وهو سمك ذهبي مقرمش ورطب مع لمسة من التوابل.
لكن نجم الأطباق، بطبيعة الحال، كان طبق "بتر تشيكن الخاص على طريقة بابا". كان الصلصة شهية ومتوازنة، وكريمية، بنكهة الطماطم، وليست حلوة بشكل مفرط. مع أن الدجاج نفسه كان بحاجة إلى المزيد من الطراوة، إلا أن الطبق ككل لا يزال يحمل كل النكهات المريحة والجذابة التي تتوقعها من وصفة خضعت لصقل دقيق لأكثر من ستة عقود.
وكانت الحلوى هي سرّ نجاحهم. كان "راس مالاي" طرياً ومُتبّلاً برقة، و"غولاب جامون" دافئاً وسهل التناول، وكلاهما جعلني أتساءل لماذا تخلّيت عن السكر.
ونعم، إنهم يقدمون "اللاسي"، لأن الوليمة البنجابية لا تكتمل دون "اللاسي"
باختصار: مطعم "دجاج بابا" لا يسعى إلى إعادة ابتكار المطبخ الهندي الشمالي، بل يحتفي به ويقدمه بأسلوب بسيط. إنه ملاذٌ للراحة والحنين إلى الماضي والانغماس في أجواءٍ من الرقي. سواءً كنت بنجابياً أم لا، فهذا الطعام سيتحدث لغتك.
فما رأيكم؟ تفضلوا بزيارة مطعم "البتر تشيكن". وعودوا إليه لتستمتعوا بكل ما يقدمه المطعم.