خيول ترقص على إيقاع الباليه في أبوظبي ضمن افتتاح "أبوظبي للفنون الفروسية الأميرية"

مبادرة رائدة تجمع بين الفروسية الكلاسيكية والتقنيات الذكية لإحياء إرث عربي وعالمي
صور KT: نيراج مورالي

صور KT: نيراج مورالي

تاريخ النشر

بين أشجار القرم في جزيرة الجبيل، افتتحت مدرسة أبوظبي للفنون الفروسية الأميرية (ADREA) أبوابها يوم الخميس بحفل افتتاحي غامر حمل عنوان "باليه الخيول"، حيث أعاد فن الفروسية الكلاسيكية إلى منطقة الخليج بأسلوب مذهل. المنشأة الجديدة على طراز الأندلس والتي وصفها المنظمون بأنها الأولى من نوعها خارج أوروبا افتتحها الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، وتُعدّ خامس مدرسة عالمية كبرى مكرسة لفن الفروسية الكلاسيكية العريق الذي يمتد لقرون.

جمع الحفل الافتتاحي بين أكبر المدارس الكلاسيكية في العالم، حيث قدّم الفرسان القادمون من النمسا وإسبانيا والبرتغال وفرنسا والإمارات عروضاً مشتركة، جمعت بين أنغام الغيتار الأندلسية والألحان العربية مع عروض ضوئية خلابة وحركات راقصة منسقة.

انضم فارسان من كل مدرسة من المدارس الأوروبية الأربع إلى فرقة ADREA في عروض جماعية تضمنت تشكيلات شبيهة بعروض "بحيرة البجع"، إضافة إلى عروض فردية جعلت الخيول تبدو وكأنها ترقص على إيقاع الفلامنكو والباليه، حيث أدت حركات في الهواء وهي تقفز على قائمتين فقط، كما مالت بخفة على قائمتين بينما رفعت جسدها في توازن مذهل، بل إن أحد الخيول أنهى العرض بخروج بطيء من الساحة وهو يمدّ قوائمه الأمامية قبل كل خطوة في مشهد درامي راقٍ.

تقدّم المدرسة فن الفروسية الكلاسيكية في قالبها الفني، وغالباً ما يُشار إليه باسم "المدرسة العليا" أو صورتها المسرحية، بدلاً من الطابع التنافسي المعتاد لعروض الترويض الحديثة. أظهر الحفل بوضوح هذا الفارق: فالحركات التي كانت تُمارس قديماً كمناورات حربية (مثل "البياف" و"الباساج" و"الكابريول" وغيرها) أصبحت اليوم تؤدى كحركات باليهية مفعمة بالانضباط والدقة المسرحية. وقال غونزالو ماركيز، كبير الفرسان في أدريا: "إنها فن لا علم، مزيج من التدريب الرياضي وسرد القصة الجمالية."

وقالت معالي شما بنت سهيل المزروعي، وزيرة تمكين المجتمع ونائبة رئيس «أبوظبي للفنون الفروسية الأميرية، خلال مؤتمر صحفي: "الفروسية الكلاسيكية هي الأساس الذي انبثقت منه معظم فنون الفروسية الحديثة. إنها تقوم على علاقة بين الحصان والإنسان يتحركان فيها كجسد واحد، بلا إكراه ولا خوف." وأضافت أن رسالة المدرسة هي الحفاظ على التراث وتدريب جيل جديد من الفرسان.

العودة إلى الأصول

أكد المنظمون على الارتباط التاريخي الذي يقوم عليه المشروع: فالخيول الإسبانية الأصيلة (الأندلسية) الموجودة حالياً تنحدر جزئياً من سلالة خيول عربية نُقلت إلى الأندلس قبل قرون. وقال ماركيز: "نحن فخورون بأننا نستقبل هذه الخيول في موطنها الأم، فهي نصف عربية في الأصل"، مشيراً إلى قوة هذا السلالة ورشاقتها، وقدرتها على أداء الحركات المتقدمة في عروض الفروسية الكلاسيكية.

تضم "قاعة الفروسية" في قلب الحرم أكثر من 173 قطعة أثرية ومخطوطة نادرة تمتد عبر أكثر من ألفي عام من أوانٍ فخارية من آسيا الوسطى إلى مبخرة من القرن الحادي عشر تعكس الحركات التي تُمارس اليوم في الساحة. والهدف من القاعة هو إعداد الزوار للعروض من خلال سرد قصة الحصان بوصفه رفيقاً وسلاحاً ورمزاً للقوة وأيقونة ثقافية. وقالت المزروعي: "التراث ليس متحفاً بحاجة إلى رعاية فحسب، بل يجب أن يُضاء من جديد بنور متجدد."

حرم جامعي يضم سبع تجارب

تبلغ مساحة أكاديمية أبوظبي للخيول (ADREA) حوالي 65,000 متر مربع، وتجمع بين فنون الأداء والتعليم والحفاظ على التراث. بالإضافة إلى الساحة الأولمبية والمعرض، يضم الحرم الجامعي ورشة عمل لصنع السروج ، أول ورشة عمل في الإمارات العربية المتحدة مخصصة لصناعة السروج ، ومكتبة للفروسية تضم أكثر من 14,000 كتاب ومخطوطة، وغرفة للمعدات، ومساحات عامة للمعارض والتعاون البحثي. ويقول المسؤولون إن المكتبة ستصبح مرجعًا عالميًا للبحوث في مجال الفروسية.

يتضمن منهاج المدرسة خمسة برامج أساسية: برنامجاً مدته أربع سنوات لتأهيل الفرسان من المبتدئين حتى مستوى الجائزة الكبرى/الأولمبي، وبرنامجاً تدريبياً مدته عامان مخصصاً لفرسان الوحدات العسكرية والشرطية في المناسبات الرسمية، ودورة متخصصة لمقدمي الرعاية (العاملين مع الخيول)، إضافة إلى دورات مكثفة قصيرة لهواة التدريب العالي، وبرنامجاً لتطوير القدرات الجسدية للخيول وتحويلها إلى "رياضيين أدائيين". كما تخطط أبوظبي للفنون الفروسية الأميرية لإطلاق "الأكاديمية الصغيرة" لتدريب الأطفال ابتداءً من سن الرابعة على مبادئ الفروسية، مع التركيز على الانضباط والرعاية والمعرفة النظرية قبل ركوب الخيل.

يجمع الحرم بين الرعاية التقليدية والتكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك نظام مراقبة قائم على الذكاء الاصطناعي — بحسب المنظمينظن، يقيس النشاط البدني للخيول، والظروف البيئية، وحتى المؤشرات السلوكية للتوتر، ليصدر "مؤشر رفاه" يوجه جداول الرعاية والراحة. وأوضحت المزروعي: "إنه فهم شامل من 360 درجة لبيئة الخيول."
وتم اختيار موقع الإسطبلات بعيداً عن ضوضاء المدن ليحظى الخيول بالهدوء أثناء الراحة والتدريب. وأضاف ماركيز: "منذ وصول الخيول إلى أبوظبي، أصبحت تنام أكثر من أي وقت مضى. نمنحها جولات يومية بين أشجار القرم لتستمتع بالطبيعة وتسترخي."

يرى المنظمون أن المدرسة أكثر من مجرد مؤسسة تدريب أو عرض فني، بل هي مركز ثقافي ومعلم سياحي يهدف إلى إحياء الشعور بالانتماء وإلهام التأمل. وقال أحد المتحدثين واصفاً غاية التجربة: "ستأتي إلى الساحة لتشاهد عملاً فنياً… وستغادر وقد فهمت معنى الإنسانية." ومن المقرر تنظيم عروض أسبوعية عامة، في حين تستقبل مرافق الحرم الأخرى، مثل المكتبة والمعرض والمحترفات والمطاعم، الزوار بالحجز المسبق.

تُبرز أبوظبي للفنون الفروسية الأميرية الدور الفاعل للنساء في قيادة مثل هذه المشاريع؛ إذ تضم هيئة إدارتها العليا نائباً للرئيس من السيدات وعدداً من القيادات النسائية. كما أن أولى الفارسات الإماراتيات المنضمات إلى المدرسة من النساء. وتحتوي المجموعة المعروضة على قطع أثرية تشير إلى وجود فارسات في عصور سابقة، ما يؤكد استمرارية وإن كانت مهملة أحياناً لدور المرأة في عالم الفروسية بالمنطقة.

سيعمل "محترف السروج" على صون وتدريس تقنيات صناعة السروج التقليدية، مقدّماً مجموعة من الطرازات المتنوعة، من السروج الإسبانية المصممة لراحة الركوب الطويل إلى السروج المحلية المستخدمة في الاحتفالات الإماراتية. وتخطط المدرسة لتنظيم ورش عمل حية وفعاليات ترميم تهدف إلى توريث هذا الفن جيلاً بعد جيل. وقال أعضاء الفريق: "إنها مهنة تتطلب الكثير من الصبر، إنها عمل ينبع من الشغف."

ماذا نتوقع بعد ذلك

قال قادة أدريا إن المؤسسة تعتزم دفع الحدود التقنية من خلال شراكات بحثية مع جامعات داخل الدولة وخارجها، واستكشاف الفوائد المحتملة للفروسية في مجالات التعليم وإعادة التأهيل والصحة النفسية. كما شدد الفريق على أهمية الشمولية جنباً إلى جنب مع التدريب النخبوي، إذ تخطط المدرسة لبرامج وأنشطة مجتمعية تُمكّن عامة الجمهور من التفاعل مع الفن ومع الحيوانات بطريقة تركز على رفاهها.

وسيتمكن الزوار من حجز جولات منتظمة في المعارض والإسطبلات ومرافق التدريب، إضافة إلى حضور العروض العامة الأسبوعية في الساحة التي تتسع لـ 1200 مقعد، واستكشاف المساحات الخارجية، ما يجعلها وجهة ليس فقط للفرسان، بل أيضاً لعشاق الثقافة والترفيه.

موصى به

No stories found.
Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com