

منذ بضعة أسابيع، أخبرتني صديقة أن ابنها المراهق بدأ يعيش علاقته العاطفية الأولى — ولكن مع لمسة "حديثة". قبل أن يرسل أي رسالة إلى صديقته، يقوم بتمريرها عبر أداة الذكاء الاصطناعي "كلود" للتأكد من أنها "مثالية". وعلى افتراض أنها تفعل الشيء نفسه، فالحوار بينهما يصبح فعلياً تبادلاً بين روبوتين يتواصلان نيابة عنهما — وهو أمر بعيد كل البعد عن التفاعلات الصادقة والمُحرَجة التي يتذكرها الكثير منا من أيام المراهقة.
ما لفتني في الأمر لم يكن مدى غرابته بقدر ما كان مدى طبيعته بالنسبة لهم. أدوات الذكاء الاصطناعي مثل "كلود" أصبحت رفيقة للكثير من الشباب. فهي تقدم لهم الدعم، والملاحظات، وتعمل كمرآة رقمية تساعدهم على تقديم النسخة "الأكثر تأنقاً" من أنفسهم. لكن، في المقابل، قد تؤثر هذه الأدوات في تشكيل جيل أقل قبولاً للنقص البشري، وأكثر انفصالاً عن التواصل الحقيقي.
قالت لي صديقتي كلمات وجيهة:
"في أيامنا، كنا نسأل صديقاتنا: 'ماذا أقول له؟'، كان ذلك جزءاً من العلاقة — سواء معهن أو معه."
أما اليوم، فقد أصبحت لحظة القرب تلك من نصيب الذكاء الاصطناعي.
لأكون واضحاً: كلود ليس العدو. إن للذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة — من المساعدة في الواجبات المدرسية إلى تعزيز الإبداع. أنا أستخدمه في الكثير من الأمور، من التفكير الاستراتيجي السريع إلى مراجعة هذه المقالة التي تقرأها الآن.
لكن المشكلة لا تكمن في الاستخدام، بل في الاستخدام المفرط وغير المدروس. فعندما يحل دعم الذكاء الاصطناعي محل المخاطرة العاطفية، فإننا نُفقد أنفسنا القدرة على الفوضى، والاحتكاك، والهشاشة. وفي الحقيقة، نحن ننمو في تلك اللحظات غير المريحة.
نكتشف أنفسنا من خلال الخطأ والارتباك والفشل، لا من خلال المثالية المصطنعة. وإذا قمنا بتفويض الجانب الفوضوي من حياتنا إلى أداة صُمِّمت من أجل الكفاءة والضبط، فنحن نخاطر بالانفصال عن ذواتنا.
حدثني صديق آخر بأنه يذهب إلى "تشات جي بي تي" ليطمئن على أفكاره: هل هي جيدة بما فيه الكفاية؟ هل سيكون مستقبله المهني بخير؟ لا بأس أن نبحث عن طمأنة في بعض الأحيان. لكن المؤلم هو الاعتماد العاطفي على آلة، بدلاً من التوجّه لصديق أو معلم أو شخص يحبك.
ذلك قد يبدو أكثر أماناً، لكنه يحرمنا من التجربة البشرية الأهم: أن تُرى من قِبل إنسان آخر، وأن تجد في ذلك صدى ودعماً حقيقياً.
وفي الحقيقة، هذا الاعتماد العاطفي الزائد على الروبوتات يشبه وضع ضمادة على جرح ملتهب — الألم سيتفاقم ولكنك لن تلاحظه.
أنا أيضًا لاحظت في حياتي ميلاً متزايداً لتمرير كل شيء عبر الذكاء الاصطناعي: الرسائل، الأفكار، وحتى القرارات اليومية. هو مفيد بالفعل، لكن هذا الاعتماد يخاطر بتبلّد الحدس وفقدان الشجاعة العاطفية. والكثير ممن تحدثت إليهم يصفون شعوراً خفياً بانخفاض الثقة بأنفسهم، وانكماش الإبداع والتواصل الإنساني — وكأن عضلاتهم العاطفية والمهنية تضعف تدريجياً بسبب قلة استخدامها.
وهذا الرفض المتزايد لعدم الارتياح له عواقب ملموسة: القلق، الوحدة، والعزلة الاجتماعية كلها مرشحة للارتفاع عندما يتم استبدال التفاعل البشري بشيء أكثر "أماناً". ومع مرور الوقت، ستصبح اللحظات غير المصقولة وغير المعدّلة مع الآخرين — وهي أساس الألفة — لا تطاق.
النظر في العين؟ المكالمات الهاتفية؟ باتت تعتبر "مخاطرات عالية".
الصمت المحرج في منتصف الحديث؟ لا يُحتمل.
صحيح أن الروبوتات قد تكون بارعة في تقديم المعلومات، لكنها — ومن واقع التجربة — غالبًا ما تكون مفرطة في الإيجابية أو خاطئة بثقة عندما تتعامل مع أسئلة عاطفية.
ومع ذلك، فإن الاعتماد عليها يتنامى. ما يزيد عن ٥٠٪ من البالغين في الولايات المتحدة يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي اللغوي، و٤٥٪ من مستخدمي "تشات جي بي تي" هم تحت سن الخامسة والعشرين — وهي الفئة الأكثر هشاشة اجتماعية ونفسيًا.
والأمر لا يتوقف هنا: أحد الاستطلاعات أشار إلى أن ٨٠٪ من أبناء الجيل الجديد يمكنهم تخيّل الزواج من ذكاء اصطناعي، بينما ٨٣٪ يعتقدون بإمكانية تشكيل رابطة عاطفية عميقة مع روبوت.
هذه الأرقام تكشف عن تحولٍ جوهري: لم تعد هذه الأدوات مجرد مساعدات إنتاجية، بل تحولت إلى رفقاء عاطفيين. لكن الواقع يقول:
الروبوتات لا تستطيع منحنا ما نحتاجه.
لا يمكنها أن تنظر إلينا، أو تجلس معنا في حزننا، أو تضحك معنا في الفوضى. إنها تُحاكي العلاقة لكنها لا تمنحنا حقيقتها.
لسنا بحاجة إلى حظر كلود، أو الهلع الجماعي من الذكاء الاصطناعي. لكننا بحاجة لتوجيه البوصلة نحو العلاقة الحقيقية مجددًا.
علينا أن نشجع شبابنا على احتمال الصمت المحرج، أن يرسِلوا رسائل غير مثالية، ويقولوا أشياء خاطئة، ويتعلّموا أنهم سيبقون بخير رغم ذلك.
عليهم أن يتعايشوا مع لحظات التوتر — مرة تلو الأخرى — حتى تصبح جزءاً من شعورهم بالأمان الذاتي.
أما نحن، مَن نرشدهم، فربما أفضل ما يمكننا فعله هو أن نكون مثالاً على العيب البشري الجميل — أن نجلس معهم في لحظات الألم، لا لنُصلحهم، بل فقط لنكون معهم.
في النهاية، كلود يمنح الصقل والمثالية.
لكن ما يجعلنا بشراً… هو الحضور، لا الكمال.
هل ترغب بعنوان جذاب لهذا المقال يعكس مضمونه الإنساني والتقني؟ يمكنني اقتراح عدد من العناوين المميزة.