
صادفت "أليكسا تومسون" حساب "صوفي جونز" الذي حقق انتشاراً واسعاً على "تيك توك" - (sophie_jones111) - بعد انتقالها إلى دبي في أواخر عام 2024. وقد شعرت بالحرج الشديد تجاه منشئة المحتوى الصارخة هذه.
وقالت البريطانية البالغة من العمر 31 عاماً، وهي تتبع زوجها: "حساب "صوفي جونز" محرج لشخص مثلي. إنها تتجول عمداً بحثاً عن طرق لتُرفض أو تشعر بالحرج. تفعل أشياءً مثل التصفيق بعد هبوط الطائرة أو دعوة الغرباء للعب معها في رحلة العودة بالقطار. وجدتُ الأمر مُحرجاً للغاية".
ولكن عندما أرسلت الخوارزمية محتوى مماثلاً لها، علمت "تومسون" أن "جونز" كانت تمارس العلاج بالرفض.
مفهوم العلاج بالرفض بسيط ولكنه غير تقليدي: مواجهة الخوف من الرفض بالسعي إليه عمداً. ولممارسته، يخلق الأفراد مواقف يواجهون فيها احتمال الرفض يومياً.
اطلب طعاماً مجانياً في مطعم. اطلب خصماً في متجر ملابسك المفضل. اطلب ترقية إلى الدرجة الأولى في رحلتك القادمة. اطلب من شخص غريب أن يصافحك أثناء ركضك.
افعل الشيء الذي يخيفك.
مع أن هذا التمرين قد يبدو سخيفاً، إلا أنه انتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي. وسواءً أكانوا مؤثرين أم لا، يُنشئ الناس محتوىً مُلهماً يُوثّق تجاربهم.
يُعتقد أن مواجهة الأفراد للمخاوف في بيئة مُسيطر عليها يُمكّنهم من التغلب على خوف الرفض وبناء المرونة. ثم، عندما يواجهون الرفض في مواقف خارجة عن سيطرتهم، فإن تأثيرهم العاطفي ينخفض لأنهم اعتادوا عليه.
يتشابه علاج الرفض مع الأساليب النفسية المعروفة، مثل العلاج السلوكي المعرفي والعلاج بالتعرض. تُستخدم كلتا الطريقتين لعلاج اضطرابات القلق، مثل الرهاب الاجتماعي واضطراب ما بعد الصدمة، وتُجرى تحت إشراف متخصص.
لكن هل يُجدي علاج الرفض نفعاً؟ قال الدكتور "نيدهي كومار"، أخصائي الطب النفسي في عيادة "أستر" في المطينة (ديرة): "الفكرة وراءه سليمة نظرياً. مواجهة المخاوف، وخاصةً الاجتماعية منها، تُفيد في النمو العاطفي. الفرق الرئيسي هو أن علاج الرفض غير مُهيكل ويعتمد على التوجيه الذاتي، على عكس العلاجات الرسمية التي يُديرها متخصصون مُدرَّبون. كما أنه غير مُعترف به كعلاج قائم على الأدلة لعدم وجود أبحاث سريرية تُؤكد فعاليته".
مع أن مواجهة الرفض قد تُضعف تأثيره مع مرور الوقت، إلا أنها تحمل مخاطر. يُحذّر الدكتور "كومار" من أن السعي المتعمد للرفض قد يأتي بنتائج عكسية على الأشخاص الذين يعانون من القلق أو الاكتئاب. "ليس كل شخص مُؤهلاً للتعامل مع التداعيات العاطفية لعلاج الرفض. بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من قلق أو اكتئاب شديدين، قد يكون السعي للرفض دون توجيه مهني ضاراً نفسياً. فقد يُفاقم مشاعر عدم الكفاءة أو يُساهم في أنماط تفكير سلبية."
وبحسب قوله فإن العلاج السلوكي المعرفي أو العلاج بالتعرض الذي يتم إجراؤه تحت إشراف معالج هو أكثر فعالية وأكثر أماناً.
ولكن هذا لم يمنع "تومسون" من تجربة تحدي العلاج بالرفض لمدّة 30 يوماً والذي وجدته على موقع "إنستغرام".
"فكرتُ، أنا في بلد جديد. لا أحد يعرفني، ولا أفعل هذا من أجل وسائل التواصل الاجتماعي. سأجرب،" كما برّرت ذلك لنفسها. "أسوأ سيناريو هو أن يظن بعض الغرباء أنني غريبة، لكنني لن أراهم مجدداً."
كانت المراحل الأولى من تجربتها صعبة. "في المرة الأولى التي طلبت فيها مشروباً مجانياً في مقهى، كنت أرتجف. كنت أعلم أن النادل سيرفض. لم يكن الرفض هو ما صعقني، بل حقيقة أنني كنت أجعل نفسي عرضة لأمرٍ خارج عن سيطرتي."
استمرت "تومسون" في دفع حدودها.
قالت الأم لطفلين: "من أجرأ ما فعلتُه هو الجلوس بجانب غريبة في المترو والبدء بمحادثة. رمقتني بنظرة غريبة، لكنها أجابت على بعض أسئلتي بحرج. أدركتُ أنها غير مهتمة بالمحادثة عندما تظاهرت بخلع سماعاتها لاختصار الحديث".
"أتعلمون ماذا حدث بعد ذلك؟ لا شيء. كان الأمر محرجاً، ولكنه مُحرِّر في الوقت نفسه. جعلني أُدرك أن الرفض لن يُفسد يومي. الحياة مستمرة".
بشكل عام، شعرت "تومسون" أن تجاربها كانت مُمَكِّنة: "لقد تنقلنا كثيراً بسبب عمل زوجي. أشجع أطفالي على المشاركة وتجربة أشياء جديدة. ساعدتني هذه التجربة أيضاً على ترسيخ هذه العقلية".
ورغم أن تجربة "تومسون" ربما كانت إيجابية، فإن منشئي المحتوى والمؤثرين ربما لا يفهمون تماماً المخاطر المختلفة المترتبة على ممارسة العلاج بالرفض.
أولاً، يُعدّ الفهم الثقافي أمراً أساسياً قبل محاولة علاج الرفض. ففي منطقة الخليج، المعروفة بأعرافها الاجتماعية المحافظة، على سبيل المثال، قد يُنظر إلى مضايقة الغرباء و/أو تصويرهم على أنه أمرٌ غير محترم أو غير لائق، لا سيما في البيئات الأكثر تقليدية. بالتأكيد، سيؤدي هذا إلى النتيجة المرجوة وهي الرفض، ولكنه قد يؤدي أيضاً إلى عواقب اجتماعية أو حتى قانونية غير مرغوب فيها في بعض الحالات.
السلامة مصدر قلق آخر. في أي سياق، قد يؤدي التوجه إلى الغرباء بطلبات جريئة إلى ردود فعل غير متوقعة. وقد يؤدي ذلك إلى التحرش أو الاهتمام غير المرغوب فيه، وخاصةً للنساء في الأماكن العامة.
مع استمرار وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز ممارسات غير تقليدية، مثل العلاج بالرفض، من المهم التعامل معها بحذر. تُعدّ وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة رائعة لرفع مستوى الوعي وتحفيز الحوار، ولكن لا ينبغي استخدامها مطلقاً لتشخيص أو علاج المشكلات الصحية، سواءً النفسية أو الجسدية.
قال الدكتور "كومار": "تشخيص أو علاج نفسك بناءً على محتوى تشاهده على وسائل التواصل الاجتماعي ليس الطريق الأمثل للصحة النفسية. يجب ألا تُجرّب أي تجارب على الصحة النفسية. قبل تجربة علاج الرفض بمفردك، من الضروري تقييم مدى استعدادك النفسي. إذا كانت لديك أي مخاوف بشأن صحتك النفسية، فإن طلب المشورة من المختصين هو الخيار الأمثل".
على الرغم من المخاطر المحتملة، وجد كثيرون، مثل "تومسون"، أن علاج الرفض تجربة قيّمة. قالت: "لقد تعلمتُ أن الرفض لا يُعرّفني، إنه مجرد جزء من الحياة. إنه مُزعج، ولكنه ليس نهاية العالم".
*تم تغيير الاسم لأسباب الخصوصية.