

كان مفهوم الفخامة في الماضي يتمحور حول أن يراك الآخرون. أما اليوم، فهو يتعلق بأن يتم فهمك.
إذا كان هناك أمر واحد تعلمته بعد ثلاثة عقود من العمل في تقاطع السفر العالمي وعالم الفخامة، فهو أن معنى الفخامة دائم التطور أحياناً بهدوء، وأحياناً أخرى بشكل أكثر وضوحاً وانتشاراً.
بصفتي الرئيسة التنفيذية لمكتب مؤتمرات وزوار بيفرلي هيلز، أحظى بامتياز تمثيل واحدة من أبرز العلامات والمقاصد السياحية في العالم عنوان لطالما جسّد مفهوم الفخامة لعقود. ولكن بشكل متزايد، أصبح هناك المزيد من المنافسة من وجهات أخرى، وأصبحت المحادثات التي أجريها الآن تدور حول كيفية مواكبة تطور المسافر الفاخر العصري.
ومع ذلك، تظل الإجابة واحدة علينا أن نتقن لغة الرعاية، وخاصة لزوارنا من الشرق الأوسط، الذين لا يعيدون تشكيل وجهات السفر فحسب، بل أيضاً دوافع السفر نفسها.
وقد تأكدت هذه الفكرة مؤخراً خلال ندوة مستديرة استُضيفت في دبي بعنوان "النساء يربطن عالم الفخامة"، حيث لم تكن المحادثة مجرد نقاش حول الأناقة أو التملك، وهما أمران يسهل تقليدهما – بل كانت نقاشاً أعمق عن المشاعر والذكريات والمعنى.
استكشفنا خلال النقاش كيف أن الفخامة اليوم باتت أقل ارتباطاً بالمادية وأكثر بالعمق الإنساني. وقد لخّصت إحدى المشاركات الفكرة بأفضل شكل عندما قالت: "الفخامة هي الابتسامة التي تتلقاها، أو تذكّر طلب قهوتك، أو مناداة اسمك." هذا المثال البسيط عبّر بوضوح عن المفهوم: ما يهم حقاً هو أن تتم رؤيتك والعناية بك — وليس مجرد خدمتك.
إن الرعاية والعناية أصبحتا أكثر أهمية من أي وقت مضى، مع استقبال المزيد من الزوار القادمين من دول مجلس التعاون الخليجي. فهؤلاء ليسوا زواراً يسعون وراء البذخ لمجرد المظاهر، بل هم أفراد مثقفون يسافرون كثيراً ويقدّرون الخصوصية والدفء والعمق الثقافي والتجارب الشخصية الأصيلة — لا المصطنعة.
وهذا لا يعني أن الفخامة أصبحت متواضعة، بل أن جوهرها أصبح في تقديم تجارب ذات معنى.
العاطفة تتفوق على البذخ
تؤكد الأبحاث ذلك. فقد أجرينا مؤخراً دراسة بالتعاون مع شركة "فين بارتنرز" شملت 1000 مسافر من الأثرياء المقيمين في دول الخليج، وقد عكست النتائج ما نشهده: المسافرون اليوم يقدّرون الانغماس في التجربة وليس مجرد الترف. فملاذات العافية، والرحلات الروحية، والتجارب الثقافية الغنية تفوقت باستمرار على أنواع الرفاهية التقليدية.
ذكّرني ذلك بأن التجارب التي تلامسنا هي التي تبقى في ذاكرتنا مدى الحياة. ومن هنا يجب على الوجهات سواء كانت نجوم صاعدة في الشرق الأوسط أو رموزاً مثل بيفرلي هيلز أن تتصدر الريادة. نحن ننتقل من "فخامة استعراضية" إلى "فخامة روحية"، ومن "الترويج" إلى "الحوار".
الحرفية والثقافة والارتباط الإنساني
برز أيضاً شغف متزايد بالأصالة: بالأشياء والأماكن التي تحمل معنى وتاريخاً وحرفية. كدعوة إلى منزل أحدهم. أو عطر مصنوع من نباتات محلية. أو قطعة مجوهرات تروي قصة عائلية. أو نكهة محلية تبقى في الذاكرة بعد الوجبة.
إن هذا الإحساس بالعناية والتفاصيل يعيد تعريف ما هو ثمين. لم يعد الأمر يتعلق بالجوهرة نفسها، بل بالقصة التي تقف خلفها.
تركّز الحملات الجديدة على التراث، وسرد القصص، والتجارب العابرة للأجيال. نُبرز تراثنا ونحن ننظر في الوقت ذاته إلى المستقبل. الهدف الآن هو لقاء الناس حيث هم — في سعيهم نحو فخامة أكثر هدوءاً وذكاءً وشخصية.
النساء تقود الطريق
ليس من قبيل الصدفة أن تكون أبرز الأصوات في هذا التحول نسائية. فالنساء يعيدن تشكيل الطريقة التي تُبتكر بها الفخامة وكيف تُسوّق وتُختبر. إنهن صانعات القرار وراء غالبية مشتريات السفر وأسلوب الحياة، خصوصاً في دول الخليج، ومع ذلك كثيراً ما تم تجاهل احتياجاتهن.
قالت إحدى المشاركات في الندوة بابتسامة: "نحن نؤثر على الرجال. الرجال في حياتنا يريدون التأكد من أننا نستمتع، ويحرصون على أن نشارك في اتخاذ القرار." وقد أكدت أبحاثنا هذه الفكرة — إذ غالبية النساء يعتبرن أنفسهن صانعات القرار الرئيسيات في أسرهن، حتى لو لم يدرك الرجال ذلك دائماً.
الحقيقة أن تأثير النساء غالباً ما يكون حدسياً وعاطفياً ومبنيّاً على الثقة – والعالم الفاخر لم يعد قادراً على تجاهله. فعندما نتحدث عن من نصمم له، ومن نخاطب، يجب أن نبدأ بالنساء. وخاصة في منطقة الخليج، حيث تحظى الفطنة الثقافية والذكاء العاطفي بقيمة عالية.
مستقبل يُشعر لا يُعرض
الرسالة الأهم؟ إن مستقبل الفخامة ليس أعلى صوتاً، بل أعمق إحساساً. اليوم، نحتفي برواية القصص البطيئة المتأنية. الرسالة واضحة: الفخامة ليست ما تشتريه فقط، بل ما تتذكره، ومن تتواصل معه، وما تشعر به، ومن تصبح عليه خلال التجربة.
وبصفتي شخصاً عمل طويلاً في مدينة كانت رائدة في تعريف الفخامة، ما زلت أستمد الإلهام من تطورها المستمر.