فقدان البصر بسبب السكري: أهمية الفحوصات الدورية للعين
أبلغ سائق شاحنة يبلغ من العمر 58 عاماً ويعاني من مرض السكري من النوع 2 منذ 20 عاماً عن فقدانه فجأة للرؤية في عينه اليمنى، كان قادراً على التحكم في مستويات السكر في الدم بشكل جيد إلى حد ما في المنزل خلال العامين الماضيين ولكنه لم يفحص عينيه مطلقاً.
حدثت الحالة نفسها مع مقيمة أخرى، حيث كانت السيدة البالغة من العمر 52 عاماً، والتي كانت مصابة بمرض السكري منذ 18 عاماً، تشكو أيضاً من فقدان تدريجي للرؤية على مدار العام الماضي، والذي تفاقم مؤخراً. وذكرت أنها واجهت صعوبة في القراءة وعدم رؤية التفاصيل، كما أنها عانت من ومضات عرضية من الضوء والعوامات في رؤيتها.
القاسم المشترك بين المريضين هو الإصابة بداء السكري من النوع الثاني أو ارتفاع نسبة السكر في الدم، والذي يمكن أن يؤدي ليس فقط إلى الإصابة بأمراض القلب أو الكلى ولكن أيضاً إلى العمى.
وقال الدكتور وسام شرف الدين، أخصائي طب العيون في مستشفى "باراكير للعيون" بدبي، والذي يعالج المريض الأول أحمد: "يمكن أن يؤدي مرض السكري إلى العمى لدى بعض المرضى. والسبب الرئيسي هو اعتلال الشبكية السكري، وهي حالة تؤدي فيها مستويات السكر المرتفعة في الدم إلى إتلاف الأوعية الدموية في شبكية العين".
وأوضح لصحيفة خليج تايمز، أن "المرضى الذين يعانون من اعتلال الشبكية السكري في المراحل المبكرة لا تظهر عليهم أعراض عادة، ولكن مع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي الضرر التدريجي إلى فقدان البصر إذا ترك دون علاج. كما أن حالات العين الأخرى مثل إعتام عدسة العين (تغيم عدسة العين) والزرق (زيادة الضغط في العين) أكثر شيوعاً أيضاً لدى مرضى السكري ويمكن أن تؤثر على الرؤية أيضاً".
وأضاف الدكتور شرف الدين أن مريضه تمكن من التحكم في مستويات السكر في الدم بشكل معتدل في المنزل خلال السنوات القليلة الماضية، لكنه لم يزر عيادة العيون خلال السنوات الثماني الماضية.
وأضاف الدكتور شرف الدين: "جاء أحمد بعد فقدانه المفاجئ للرؤية في عينه اليمنى، مما أثر بشكل كبير على حياته اليومية، ولم يعد قادراً على القيادة. اكتشفنا نزيفاً متوسطاً في عينه اليمنى واعتلال الشبكية السكري المتقدم في العين اليسرى. كان أحمد محبطاً وقلقاً بشأن قدرته على العودة إلى العمل، حيث كان مصدر دخله الوحيد. نصحناه بأخذ إجازة مرضية لمدة ثلاثة أسابيع وأوصينا بحقنة في عينه اليمنى وعلاج بالليزر في كلتا العينين لمنع تطور المرض".
ولحسن الحظ استعاد أحمد بصره بشكل كامل بعد توقف النزيف دون الحاجة إلى إجراء عملية جراحية، وتمكن من العودة إلى العمل.
وأكد الدكتور شرف الدين أن "تجربة أحمد تؤكد على أهمية إجراء فحوصات العين الدورية وإدارة مرض السكري بشكل فعال لمنع حدوث مضاعفات خطيرة في العين. إن فقدان البصر في إحدى العينين أو كلتيهما يمكن أن يؤثر بشكل كبير على قدرة الشخص على أداء المهام اليومية. ولحسن الحظ، لم تكن حالة أحمد متقدمة للغاية، مما يسمح له بالتعافي الكامل دون جراحة".
ارتفاع خطر حدوث مضاعفات في العين
وفي الوقت نفسه، أوضح الدكتور أبنر ريفاس أبيجو، أخصائي الطب الباطني في مستشفى إنترناشيونال مودرن، الذي يعالج المريضة الثانية، كيف أن الأشخاص المصابين بمرض السكري من النوع الأول والثاني معرضون لخطر متزايد للإصابة بمضاعفات العين.
وقال "إن ارتفاع نسبة السكر في الدم يؤدي إلى مضاعفات على مستوى الأوعية الدموية الكبرى والصغرى. ويشمل الضرر الأوعية الدموية في العين ما قد يؤدي إلى ضعف البصر وأحياناً العمى. كما أنه يلحق الضرر بالأعصاب الطرفية، مما يؤدي إلى الشعور بالخدر أو الوخز في اليدين والقدمين".
باختصار، قال الدكتور أبيجو: "إن ارتفاع نسبة السكر المزمن غير المنضبط في الدم يمكن أن يؤدي إلى إتلاف الأوعية الدموية التي تغذي شبكية العين بالدم، وهذا يمكن أن يؤدي إلى ضعف البصر وفقدان البصر المحتمل".
تختلف المضاعفات التي تؤثر على العين حسب عوامل مثل مدة الإصابة بمرض السكري، والتحكم في نسبة السكر في الدم، وعوامل الخطر الأخرى. ولكن بشكل عام، أشار الدكتور أبيجو إلى:
يصاب ما يقرب من 25 إلى 30 في المائة من مرضى السكري من النوع الأول بدرجة ما من اعتلال الشبكية في غضون خمس سنوات من التشخيص. وبعد 20 عاماً، يصاب جميع الأفراد المصابين بالسكري من النوع الأول تقريباً بدرجة ما من اعتلال الشبكية.
إن معدل انتشار اعتلال الشبكية أقل في البداية لدى مرضى السكري من النوع الثاني، ولكنه يزداد مع مرور الوقت. ويعاني حوالي 60% من مرضى السكري من النوع الثاني من شكل ما من أشكال اعتلال الشبكية بعد 20 عاماً.
ماذا يجب على مريض السكري فعله؟
يوصي كل من الدكتور شرف الدين والدكتور أبيجو بإجراء فحوصات منتظمة وإدارة جيدة لمستويات السكر في الدم وضغط الدم والكوليسترول لتقليل خطر وتطور اعتلال الشبكية السكري بشكل كبير.
وأضافوا أن إجراء فحوصات العين الدورية أمر ضروري لمرضى السكري لاكتشاف المضاعفات وإدارتها في وقت مبكر، والحفاظ على الرؤية، وتحسين النتائج الصحية العامة.
وأشار الدكتور شرف الدين إلى أن "العديد من أمراض العيون المرتبطة بالسكري، مثل اعتلال الشبكية السكري، غالباً ما لا تظهر عليها أي أعراض في مراحلها المبكرة"، مؤكداً: "إن إجراء فحوصات العين المنتظمة أمر ضروري لأنها تمكن الأطباء من اكتشاف المشاكل ومعالجتها قبل أن تتطور إلى مضاعفات أكثر خطورة، بما في ذلك العمى".
واختتم الدكتور شرف الدين حديثه قائلاً: "إن الفحوصات السنوية ضرورية لمراقبة أي تغيرات في صحة العين وضمان التدخلات في الوقت المناسب لحماية البصر. كما أن العناية المستمرة بالعين والتحكم الفعال في نسبة السكر في الدم أمران حيويان للحفاظ على صحة البصر لدى الأشخاص المصابين بالسكري".