الإمارات: استراتيجيات جديدة لمواجهة استقالات الموظفين والاحتفاظ بالمواهب
السؤال: هل انتهت "الاستقالة الكبرى"؟ كيف يمكن للشركات الاحتفاظ بالموظفين المتميزين ومنع حدوث مثل هذا الاتجاه مرة أخرى؟
الإجابة: في خضم دوامة اتجاهات سوق العمل، أصبح كتاب "الاستقالة العظيمة" وكتابه التكميلي "العودة العظيمة" من الكلمات الطنانة التي لا يستطيع المهنيون وخبراء الاستراتيجية المؤسسية تجاهلها. وقد أدت المراوحة بين ترك مكان العمل والعودة إليه إلى إجراء تحليل أعمق للاحتفاظ بالمواهب وتجربة الموظف بشكل عام.
فهم التحولات:
أولا، دعونا نتناول ظاهرة "الاستقالة الكبرى". لم تكن هذه مجرد ظاهرة عابرة؛ بل كانت هجرة جماعية للموظفين عبر الصناعات المختلفة، بحثا عن فرص أفضل، أو عمل أكثر جدوى، أو ببساطة أسلوب حياة مختلف بعد فترة التأمل التي فرضتها الجائحة. وقد أكدت هذه الظاهرة على حقيقة عالمية: وهي أن العمال يقدرون المرونة والاحترام والوفاء على حساب القيود التقليدية للحياة المكتبية.
ولكن مع استقرار الأمور، نشهد "العودة العظيمة" ــ فالموظفون يعودون تدريجيا، ولكنهم لا يعودون فحسب؛ بل يعيدون تقييم ما يريدونه من مكان عملهم. والمفتاح إلى الاستفادة من هذه العودة إلى المكتب لا يتلخص فقط في إعادة الموظفين إلى مكاتبهم، بل في إعادة إشراكهم بطرق تتوافق مع توقعاتهم الجديدة.
استراتيجيات الاحتفاظ بالمواهب:
1. تحسين تجربة الموظفين: تخيل إنشاء مكان عمل لا يشبه خط الإنتاج بل يشبه المجتمع التعاوني. تعيد الشركات تصميم مساحات المكاتب لتكون أكثر من مجرد محطات عمل. فهي تدمج المناطق الاجتماعية ومراكز العافية ومساحات العمل الأكثر مرونة لتعزيز تجربة العمل اليومية.
2. المرونة أمر غير قابل للتفاوض: كانت إحدى الرسائل الأكثر وضوحاً في مشهد "الاستقالة الكبرى" هي المطالبة بظروف عمل مرنة. ومع عودة الموظفين، فإن تقديم نماذج هجينة - حيث يمكن للموظفين تقسيم وقتهم بين المنزل والمكتب - يمكن أن يكون بمثابة تغيير جذري. يتعلق الأمر بمزج الإنتاجية مع التوازن في الحياة الشخصية.
3. فرص النمو والتطوير: يرغب الموظف الحديث في الشعور بالنمو في أدواره، وليس مجرد القيام بالأعمال الروتينية. إن الاستثمار في التعلم والتطوير المستمر، من تحسين المهارات الرقمية إلى تدريب القيادة، يمكن أن يجعل الموظفين يشعرون بالتقدير والاستثمار في مستقبلهم في الشركة.
4. التقدير والمكافأة: لا يقتصر تقدير الموظفين ومكافأتهم على المكافأة السنوية؛ بل يتعلق الأمر أيضاً بخلق ثقافة التقدير. إن التقدير المتكرر، سواء من خلال أنظمة الثناء بين الزملاء أو الجوائز الأكثر رسمية، يمكن أن يعزز بشكل كبير من الروح المعنوية والولاء.
5. تنمية ثقافة موجهة نحو تحقيق هدف: غالبًا ما يعود الموظفون أو يبقون في الشركة عندما يؤمنون بما يعملون من أجله. والشركات التي تصوغ رؤية واضحة ومقنعة وتوضح كيف يساهم كل دور في تحقيق هذا الهدف الأوسع تميل إلى الاحتفاظ بالمواهب بشكل أكثر فعالية.
إن النتيجة الرئيسية التي يمكن للمؤسسات استخلاصها واضحة: إن العائد العظيم لا يتعلق فقط بإعادة ملء الوظائف؛ بل يتعلق بإعادة تصورها. يتعلق الأمر بجعل مكان العمل بيئة يشعر فيها الموظفون بالمشاركة والتقدير المستمر. وفي ملحمة التوظيف المتطورة باستمرار هذه، فإن الشركات التي تزدهر هي تلك التي تعامل قوتها العاملة ليس فقط كعمال، بل كشركاء حيويين في رحلتهم المؤسسية المشتركة.
بغض النظر عن جودة المنتج أو الخدمة، فإن الأشخاص الذين يعملون في المقدمة هم من يجسدون هذه الخدمة للمستهلكين ومستخدمي الخدمة. وبالنسبة للمؤسسات، ينبغي أن يركز الاستثمار النهائي على تنمية "تجربة الموظف" المتميزة على غرار الطريقة التي تعطي بها الأولوية لـ "تجربة العميل". وتتجاوز هذه الاستراتيجية التغييرات التجميلية البحتة مثل إعادة تسمية قسم الموارد البشرية إلى "رأس المال البشري" أو تحديث لقب رئيس الموارد البشرية إلى "رئيس قسم الموظفين". فهي تتطلب التزامًا استراتيجيًا حقيقيًا برعاية القوى العاملة.
إن المنظمات الفعّالة تدرك أن موظفيها هم القوة الدافعة وراء تحقيق نتائج قوية. وينبغي أن يتجسد هذا الفهم في استراتيجية واضحة تدرك قيمة كل موظف وتستغلها. ولا تعمل مثل هذه الاستراتيجية على تعزيز الروح المعنوية والاحتفاظ بالموظفين فحسب، بل تؤثر بشكل مباشر على الإنتاجية والربحية. ولا يقتصر الاستثمار في تجربة الموظفين على خلق بيئة عمل ممتعة فحسب، بل يتعلق أيضاً ببناء ثقافة أساسية تمكن الموظفين وتلهمهم لتقديم أفضل ما لديهم في العمل كل يوم. ويضمن هذا النهج أن الشركات لا تزدهر من حيث الأعداد فحسب، بل وتعزز أيضاً سمعتها كأماكن رائعة للعمل، وتجتذب أفضل المواهب وتعزز الولاء الذي يتردد صداه في كل مستوى من مستويات المنظمة.
تم توفير هذا الدليل من قبل معهد تشارترد للموارد البشرية والتنمية، وهو هيئة مهنية للموارد البشرية وتنمية الأفراد. ويدافع معهد تشارترد للموارد البشرية والتنمية عن تحسين العمل وحياة العمل لأكثر من 100 عام. ويساعد هذا المعهد المؤسسات على الازدهار من خلال التركيز على موظفيها ودعم اقتصاداتنا ومجتمعاتنا.