أحمد الهاشمي يقهر التوحد بالموسيقى في مهرجان مترو دبي
دخل صبي إماراتي يبلغ من العمر 14 عاماً عالم الموسيقى بطريقة رائعة، أحمد الهاشمي هو من ذوي اضطراب طيف التوحد، لم يتعلم العزف على البيانو فحسب، بل انطلق إلى أبعد من ذلك من خلال الاعتماد على لمسه بدلاً من بصره "للشعور بكل نغمة موسيقية".
وأثناء استعداده للأداء في مهرجان مترو دبي للموسيقى الذي سيبدأ يوم السبت، قال أحمد الهاشمي لصحيفة خليج تايمز: "أشعر برابط عميق مع الموسيقى وأنا استخدم لمستي وذاكرتي. أقدم عروضاً في المناسبات وأشارك قصتي لأبين أن الأشخاص المصابين بالتوحد يمكنهم تحقيق أشياء عظيمة".
ومن الجدير بالذكر أن أحمد هو أول عازف بيانو إماراتي مصاب بالتوحد يحقق هذا الإنجاز، حيث اكتشف موهبته الموسيقية عندما كان في السابعة من عمره، ويستطيع العزف على البيانو وهو معصوب العينين، مما يدل على عمق موهبته.
وأضاف "أردت أن أتحدى نفسي وأرى ما إذا كان بإمكاني العزف من خلال الشعور بالمفاتيح. يساعدني التوحد على الانتباه إلى التفاصيل والشعور بالموسيقى بعمق. الموسيقى تهدئني وتساعدني على الشعور بتحسن عندما أكون غارقاً في التفكير. عندما أبدأ العزف، لا أفكر في أي شيء آخر. الأمر أشبه بحجب أي تشتت ذهني".
رحلة موسيقية
بدأت رحلة أحمد الموسيقية عندما عزفت له والدته مقطوعة موسيقية بمناسبة عيد ميلاده، لتتفاجأ في اليوم التالي بعزفه نفس المقطوعة رغم أنه لم يتعلمها من قبل. تقول والدة أحمد، إيمان العليلي: "لم يكن حتى قد انتبه إليّ عندما عزفت له المقطوعة، وفجأة فاجأني بعزفها بشكل متقن".
واجهت الأم البالغة من العمر 48 عاماً العديد من التحديات عند سعيها للحصول على تعليم موسيقي لأحمد، حيث رفضته العديد من مدارس الموسيقى التي أخبرتها أن ابنها لن يتمكن أبداً من العزف.
وأخيراً وجد أحمد مدرساً للموسيقى اعتبر نفسه الملاك الحارس لأحمد. وتقول الأم: "حقق أحمد ما لم يحققه أي طفل إماراتي في الموسيقى خلال السنوات الخمس الماضية، فكان أول طفل يقدم عروضاً خارج الإمارات، ويؤلف الموسيقى، ويحصل على دبلوم من جامعة بريطانية تضم ثماني مراحل، حيث تعادل المرحلة الثامنة شهادة البكالوريوس في الإمارات، وقد حصل بالفعل على شهادة المرحلة السابعة".
تم تشخيص أحمد بالتوحد عندما كان عمره حوالي 13 شهراً عندما لاحظت والدته تغيرات في سلوكه. تقول إيمان: "بدأ أحمد يقول بضع كلمات، ولكنه فقد تلك الكلمات فجأة، وانخفض التواصل البصري لديه، مما جعله أكثر انفعالاً وعدوانية". بعد معاناتها للعثور على إجابات، أرشدها أحد الأطباء إلى طلب المساعدة النفسية، مما أدى إلى تشخيص حالة أحمد.
التحديات الأولية والرفض
تتذكر قائلة: "في البداية كنت أعيش في حالة إنكار عندما أخبرني الطبيب أنه لا يوجد علاج وأن أحمد سيعيش مع التوحد لبقية حياته". كانت تعاني لتقبل الوضع بسبب قلة المعلومات لديها عن التوحد وواجهت صعوبات عديدة في تسجيله في المراكز التعليمية، حيث تم طرده من الحضانة ورفضه العديد من مراكز التوحد.
وتحدثت أيضاً عن التحديات التي يواجهها أحمد في تعلمه للموسيقى؛ فالدروس باهظة الثمن، وإتقان العزف على البيانو يتطلب التزاماً كبيراً. وقالت: "ابني يتدرب بشكل مكثف لمدة أربع ساعات يومياً".
"الموسيقى هي صوتي"
وفي الوقت نفسه، أكد أحمد أن الدروس المكثفة ساعدته على التطور. وقال: "دراسة الموسيقى لا تقتصر على قراءة النوتات الموسيقية؛ بل تتضمن أيضاً الرياضيات. في بعض الأحيان، أجد الأمر صعباً، ولكن مع التدريب المكثف، أصبحت أفضل".
وأشارت الأم إلى أن تدريب أحمد على العزف على البيانو قلل بشكل كبير من انفعالاته. وقالت: "أستطيع أن أفهم أحمد من خلال المقطوعات التي يعزفها، فهي تعبر عن مزاجه".
قال أحمد: "أحب الطريقة التي يسمح لي بها البيانو بالتعبير عن مشاعري وخلق موسيقى جميلة". أحمد يشعر الآن بأنه مبدع ومستقل، ويفخر بنفسه وبكيفية نظر الآخرين إليه. ويقول: "يشكل العزف على البيانو جزءاً كبيراً من حياتي. فهو يمنحني الفرح ويساعدني على التواصل مع الآخرين. يساعدني البيانو في إظهار مشاعري والتواصل بطريقة لا تستطيع الكلمات التعبير عنها.
وأضاف "الموسيقى هي صوتي عندما لا تستطيع الكلمات وصف مشاعري".
إلى جانب الموسيقى، يستمتع أحمد بالسباحة ولعب ألعاب الفيديو والرسم، وهو الثاني بين أربعة أشقاء يعاملونه بلطف.
وعن إنجازاته المستقبلية، يطمح أحمد إلى الحصول على درجة البكالوريوس الجامعية في المستوى الثامن، وهو يقوم حالياً بتأليف الموسيقى ويخطط للمشاركة في فعاليات محلية وخارجية.
أحمد هو أحد الموسيقيين المميزين في مهرجان مترو دبي للموسيقى الذي يقام في الفترة من 21 إلى 27 سبتمبر.