"البيجر" في 2024: أداة قديمة بفوائد حديثة
تعتبر أجهزة النداء "البيجر" أدوات اتصال بسيطة وموثوقة ورخيصة وآمنة، ولا تشكل خطراً في العادة إلا إذا كان هذا الخطر متعمداً. ورغم التطورات التكنولوجية الكبيرة، إلا أن هذه الأجهزة ما زالت موجودة ولها فائدة، كما أفاد خبراء لصحيفة "خليج تايمز".
في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، كانت أجهزة النداء وسيلة الاتصال الأساسية للعديد من المهنيين، مثل الأطباء والصحفيين. ولكن مع مطلع القرن الحادي والعشرين، حلت الهواتف المحمولة والهواتف الذكية محلها بفضل تنوعها وميزاتها المتعددة. ومع ذلك، لم تختفِ أجهزة النداء تماماً.
ووفقًا لما صرح به رياض كمال أيوب، خبير أمن تكنولوجيا المعلومات والمدير الإداري لمجموعة "رياض" (Rayad) في دبي، فإن أجهزة النداء لا تزال تُستخدم حتى اليوم لأنها تُعتبر آمنة بشكل عام. فهي لا تتصل بأي شبكة عامة مثل شبكة الهاتف العامة، بل تعتمد على نظام مستقل يملكه القطاع الخاص."
تترك أجهزة النداء بصمة إلكترونية بسيطة، مما يجعلها أقل عرضة للاختراق أو المراقبة. تعمل هذه الأجهزة على الموجات الراديوية، حيث يمكن للمشغل إرسال الرسائل عبر تردد الراديو دون الحاجة إلى الإنترنت أو شبكات الهاتف المحمول. وبهذا، تعتبر أجهزة النداء بمثابة "نسخة احتياطية آمنة" لاستخدامها في إرسال الرسائل القصيرة، وفقاً لما قاله أيوب.
وبعبارة بسيطة، فإن هذه الأجهزة مفيدة في الحالات التي يكون فيها استخدام الهواتف المحمولة غير موثوق. وأوضح أنه "في لبنان، حدثت حالة تضمنت استخدام جهاز نداء كعبوة ناسفة بدائية، وهو أمر ممكن أيضاً مع الهواتف القديمة التي تحتوي على بطاريات قابلة للإزالة."
قيد الاستخدام
وقال "ريكس باكارا"، أستاذ الفلسفة والأخلاق في جامعة أبوظبي، والذي استخدم جهاز النداء آخر مرة منذ 25 عاماً، إنه لم يتفاجأ بأن أجهزة النداء لا تزال تُستخدم في المناطق التي يُعد فيها استخدام الهاتف المحمول مشكلة.
وصرح لصحيفة خليج تايمز: "نحن في عام 2024، وأجهزة النداء أصبحت قديمة إلى حد كبير للاستخدام اليومي منذ أن سيطرت الهواتف المحمولة على الاتصالات، لكنها لا تزال ذات صلة في بعض الصناعات المحددة بسبب بساطتها والقدرة على العمل في المناطق ذات الإشارة المنخفضة". وأضاف: "تُستخدم أجهزة النداء لتوصيل الرسائل القصيرة في الأماكن التي يكون فيها الاتصال المستمر بالغ الأهمية، مثل المستشفيات، حيث يتم استخدامها لاستدعاء الأطباء في حالات الطوارئ".
وأوضح "باكارا" قائلاً: "لا أعتقد أن أجهزة الاستدعاء خطيرة، فهي لا تتطلب الكثير من الطاقة مقارنةً بالهواتف الذكية، وهي موثوقة للغاية في البيئات ذات التغطية المحدودة لشبكات الهواتف المحمولة".
وتابع "باكارا" قائلاً: "وبالمقارنة، فإن أجهزة النداء تُعتبر أكثر أماناً من الهواتف المحمولة. ومع ذلك، فإن الرسائل المرسلة عبرها ليست مشفرة، على عكس الهواتف الرقمية، مما يجعلها عرضة للاعتراض بسهولة. لكن بصفة عامة، كل هذه الأجهزة، سواء كانت أجهزة نداء أو هواتف محمولة، تُعد آمنة نسبياً. لنكن واقعيين، فقد سلطت حوادث مثل انفجار بطاريات سامسونج الضوء على المخاطر المرتبطة باستخدام هذه الأجهزة المزودة ببطاريات الليثيوم أيون، إذ يمكن أن تؤدي مشكلات مثل ارتفاع درجة الحرارة، أو عيوب التصنيع، أو الشواحن غير المتوافقة إلى مواقف خطيرة".
وأضاف: "السؤال هو: هل الفائدة تفوق التكلفة؟ الهواتف المحمولة أصبحت لا غنى عنها حالياً بفضل ميزاتها المتنوعة التي تفيد الناس، وهذا ينطبق أيضاً على أجهزة النداء".
واتفق أيوب مع هذا الرأي، حيث أوضح أنه لا توجد مشكلات أمنية في أجهزة النداء إذا لم يتم تعديلها. وأكد قائلاً: "ربما تم العبث بالجهاز قبل تسليمه للمستخدمين. يجب ملاحظة أن أجهزة النداء تُصنع بكميات صغيرة، وقد يكون من السهل تحويلها إلى عبوة ناسفة".
وقدم أيوب نصيحة قائلاً: "يجب علينا شراء الأجهزة الإلكترونية من مصادر معروفة، وليس من السوق السدواء التي لا تقدم ضمانات أو معلومات عن مصدر البضائع".
في هذه الأثناء، طالب "فولكر تورك"، المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بالمساءلة عن انفجارات أجهزة النداء في لبنان.
ووصف الانفجارات بأنها "مروعة" وقاوأكد أن تأثيرها على المدنيين "غير مقبول". وقد أسفرت الانفجارات عن مقتل 12 شخصاً، بينهم طفلان، وإصابة ما يقرب من 3000 آخرين.