توقعات بارتفاع الذهب إلى 3 آلاف دولار في 2025
يشكل التفاعل المعقد بين العوامل الاقتصادية الكلية والجيوسياسية والتقنية آفاق الذهب لعام 2025. وفي حين قد تشهد بداية العام بعض التحديات، إلا أن الأساسيات طويلة الأجل للمعدن الثمين تظل قوية، وفقاً لما ذكره المحللون.
وتتوقع مؤسسة "جولدمان ساكس" للأبحاث أن يصل سعر الذهب إلى 2700 دولار بحلول أوائل العام المقبل، بدعم من خفض أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي وشراء الذهب من جانب البنوك المركزية في الأسواق الناشئة. وقد يحصل المعدن على دفعة إضافية إذا فرضت الولايات المتحدة عقوبات مالية جديدة أو إذا تزايدت المخاوف بشأن عبء الديون الأمريكية.
وقال "فؤاد رزق زادا"، محلل السوق لدى "فوركس دوت كوم" (forex.com)، في مذكرة: "تستمر الضغوط التضخمية وشراء البنوك المركزية وعدم اليقين الجيوسياسي في دعم دور الذهب كأصل استراتيجي في المحافظ المتنوعة".
وقد بلغ الذهب آفاقاً جديدة هذا العام، حيث سجل سلسلة من 39 ارتفاعاً قياسياً. وبرز كواحد من أفضل السلع أداءً في عام 2024، مدفوعاً بالتفاؤل بخفض أسعار الفائدة، والطلب على الملاذ الآمن من التوترات الجيوسياسية، وعمليات الشراء القوية من البنوك المركزية. في أكتوبر 2024، ارتفع الذهب إلى ما يزيد عن 2700 دولار لأول مرة وبلغ ذروته عند 2790 دولاراً. ثم في نوفمبر 2024، جلب فوز "دونالد ترامب" الحاسم في الانتخابات الرئاسية الأمريكية معه تهديداً بإحياء الضغوط التضخمية بسبب موقفه الحمائي "أمريكا أولاً".
ورغم خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة للمرة الثالثة هذا العام في ديسمبر، إلا أنه أشار إلى نهج أكثر حذراً في عام 2025. وراجع البنك المركزي توقعاته للتضخم للعام المقبل إلى الأعلى وقدّم رسماً بيانياً يشير إلى وتيرة أبطأ بكثير من التيسير في العام المقبل. وقال "فيجاي فاليتشا"، كبير مسؤولي الاستثمار في "سنشري فاينانشال": "لقد أدّى هذا إلى تعزيز الدولار وعوائد الخزانة، وبالتالي إشعال شرارة تصحيح في أسعار الذهب من ذروة أكتوبر عند 2790 دولاراً إلى أدنى مستوى في نوفمبر عند 2536 دولاراً. ومنذ ذلك الحين، تعافى الذهب جزئياً ليتداول فوق المتوسط المتحرك على مدى 100 يوم على الرسم البياني اليومي عند حوالي 2615 دولاراً اعتباراً من 24 ديسمبر 2024".
ومن المتوقع أن تستمر أسعار الذهب في الارتفاع في عام 2025، بدعم من الزخم المستمر لمشتريات البنوك المركزية. فقد زادت دول مثل تركيا والهند من حيازاتها من الذهب في محاولة لتنويع احتياطياتها الأجنبية بعيداً عن الدولار الأمريكي. وعلى مدار الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2024، استحوذت البنوك المركزية العالمية على 693.52 طناً مترياً من السبائك. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يتطابق الإجمالي السنوي أو يتجاوز العدد الكبير على مدار العامين الماضيين - والذي بلغ 1081 و1049 طناً مترياً في عامي 2022 و2023 على التوالي.
وتقلبت صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب على مدى السنوات القليلة الماضية. وتحوّلت إلى إيجابية لأول مرة هذا العام في مارس 2024 بعد ثلاث سنوات متتالية من التدفقات الخارجة. وأضاف "فاليتشا": "رغم أن الأشهر الأخيرة شهدت تدفقات خارجة، إلا أن المستثمرين ما زالوا متفائلين بشأن المعدن الثمين. لقد تجاوز الطلب العالمي على الذهب دائماً إنتاج المناجم على مدى السنوات العديدة الماضية، ممّا ساعد في ارتفاع الذهب. ونتيجة لذلك، قد تتقدم أسعار الذهب في عام 2025، وإن كان بوتيرة أبطأ مقارنة بهذا العام. ومن المتوقع أن يكون الذهب أصلاً حاسماً لتحقيق الاستقرار وتنويع محافظ الاستثمار في عام 2025. ويرجع هذا بشكل خاص إلى أن حالة عدم اليقين العالمية من المتوقع أن تزداد، خاصة في ظل إدارة "ترامب"".
وبحسب "رزق زادا"، فإن 2700 دولار هو مستوى المقاومة الأكثر أهمية في الأمد القريب والذي يجب مراقبته في عام 2025، حيث يلتقي اتجاه الارتفاع المحتمل بالمقاومة السابقة. وقد يستهدف الاختراق الواضح فوق هذا المستوى أعلى مستوى في عام 2024 عند 2790 دولار. وقال: "3000 دولار هو المستوى النفسي الكبير التالي الذي يجب مراقبته إذا ارتفعت الأسعار إلى مستوى مرتفع جديد في عام 2025. توقع على الأقل بعض جني الأرباح حول هذا المستوى".
وبالنسبة للمستثمرين المحترفين والتجار الأفراد على حد سواء، فإن التعامل مع سوق الذهب في عام 2025 سيتطلب نهجاً متوازناً. وأضاف "رزق زادا": "ستكون مراقبة المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، وحركات العملات، والتطورات الجيوسياسية ضرورية لتحديد الفرص وإدارة المخاطر. ومع توقع بداية حذرة، قد يرى المستثمرون الصبورون أن الذهب يستعيد بريقه، ويرتفع في النهاية نحو 3000 دولار المرغوب".