"البيتكوين"يصل 100 ألف دولار: توقعات بارتفاعات جديدة

شهد يوم أمس الخميس بلوغ عملة البيتكوين حاجز الـ 100 ألف دولار، وهو إنجاز تاريخي يعكس تنامي مكانتها وارتفاع قيمتها المُتَصوَّرة. وينصبّ تركيز المحللين الآن على مستويات المقاومة المحتملة، متطلعين إلى أهداف سعرية جديدة عند 150 ألف دولار، بل وحتى 200 ألف دولار. ويشير رد فعل السوق المدروس إلى إمكانية تحقيق المزيد من الارتفاعات، وفقاً لتحليلات الخبراء.

وتجاوز سعر البيتكوين 100 ألف دولار للمرة الأولى يوم أمس الخميس بعد أن رشح "ترامب" "بول أتكينز"، الداعم للعملات المشفرة، لرئاسة هيئة تنظيم الأوراق المالية الأميركية. عزز هذا الترشيح التفاؤل بشأن تبني الرئيس القادم سياسات تحرر قطاع العملات الرقمية.

وقد شهدت هذه العملة الرقمية ارتفاعاً كبيراً منذ انتخاب "ترامب" في الخامس من نوفمبر، والذي تعهد بجعل الولايات المتحدة "عاصمة البيتكوين والعملات المشفرة في العالم".

ونسب الرئيس الأمريكي المنتخب، "دونالد ترامب"، لنفسه يوم أمس الخميس الفضل في الارتفاع التاريخي لعملة البيتكوين، التي تجاوزت قيمتها 100 ألف دولار. وكتب لمتابعيه على وسائل التواصل الاجتماعي عبارة "على الرحب والسعة"، بعدما شهدت هذه العملة المشفرة ارتفاعاً بأكثر من 50% منذ فوزه في الانتخابات.

ووصلت عملة البيتكوين إلى مستوى قياسي جديد عند 103,800.45 دولار خلال ساعات التداول الآسيوية أمس الخميس، قبل أن تنخفض مجدداً إلى ما دون 103,000 دولار.

وعقب تصريحات "ترامب"، عاد سعر البيتكوين للارتفاع مجدداً، مسجلاً 103,320 دولاراً، وفقاً لما أفادت به وكالة "فرانس برس". وشهدت العملة المشفرة، المعروفة بتقلباتها الكبيرة، زيادة في قيمتها بنحو 140% منذ بداية العام.

وبعد نحو 16 عاماً من تعدين أول كتلة بيتكوين في عام 2009، حققت هذه العملة الرقمية إنجازاً تاريخياً بوصولها إلى قيمة 100 ألف دولار للعملة الواحدة، لتتجاوز قيمتها السوقية حاجز الـ 2 تريليون دولار. وبهذا، تنضم البيتكوين إلى نادي حصري يضم سبعة أصول أو شركات فقط تجاوزت قيمتها السوقية هذا الرقم، وهي الذهب وعمالقة التكنولوجيا "نفيديا" (NVIDIA) و"آبل" (Apple) و"مايكروسوفت" (Microsoft) و"ألفابت (جوجل)" (Alphabet (Google)) و"أمازون" (Amazon).

جاء هذا الارتفاع التاريخي لعملة البيتكوين إلى 100 ألف دولار للعملة الواحدة مدفوعاً بتغييرات هيكلية كبيرة في السوق، وتوقعات بتغييرات تنظيمية أمريكية في عهدة "ترامب"، بالإضافة إلى التبني المؤسسي المتزايد بعد نجاح صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين. وصرح "ريتشارد تنج"، الرئيس التنفيذي لشركة "باينانس"، قائلاً: "مع النقاشات الدائرة حول احتياطي بيتكوين استراتيجي أمريكي، واتجاه المزيد من الشركات لضم البيتكوين إلى أصولها، نحن على أعتاب تبنٍ عالمي واسع النطاق". وأضاف: "يمثل هذا الإنجاز نقطة تحول في رحلة البيتكوين من أصل متخصص إلى أداة مالية رئيسية، تجذب المزيد من المستثمرين من المؤسسات والأفراد. وهذا دافع قوي يعزز مكانة العملات المشفرة في المشهد المالي، ويشجع على انتشارها".

وساهم التحوّل الأخير في المشهد الاقتصادي الكلي بدور محوري في ارتفاع قيمة البيتكوين. فمع خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بعد فترة طويلة من التشديد، وزيادة السيولة العالمية، اتجهت رؤوس الأموال نحو الأصول التي تعتبر مقاومة للتضخم ونادرة. وقال "تنج": "البيتكوين، بفضل عرضها الثابت المحدود بـ 21 مليون وحدة، برزت كتحوط طبيعي ضد انخفاض قيمة العملة الورقية، مما أدى إلى زيادة الطلب عليها".

وقد تؤدي هيمنة البيتكوين المتزايدة إلى تحويل الاستثمارات مؤقتاً بعيداً عن العملات البديلة. لكن، تشير التجارب السابقة إلى أنه بمجرد استقرار البيتكوين، غالباً ما تشهد العملات البديلة انتعاشاً. وفي هذا الصدد، أشار "ريان لي"، كبير المحللين لدى "بيتجيت ريسيرش" (Bitget Research)، إلى أن المستثمرين يدخلون بقوة إلى سوق البيتكوين عند بلوغها مستويات قياسية جديدة، متوقعين استمرار الزخم الصعودي، مما قد يدفع سعرها إلى الارتفاع أكثر في الأمد القريب.

وأضاف "لي": "بالنظر إلى عام 2025، تشير التوقعات طويلة الأجل إلى أن عملة البيتكوين ستسجّل أعلى مستوياتها على الإطلاق قبل أن تستعيد العملات البديلة الاهتمام والجاذبية. وعلى الرغم من هذه السيناريوهات المتفائلة، يجب عدم إغفال التقلبات الملازمة لسوق العملات المشفرة. وننصح المستثمرين بالحذر والاستعداد للتغييرات المحتملة".

ويرى "دان إم فاغنر"، الرئيس التنفيذي لشركة ريزولف (شركة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المُدرجة في بورصة ناسداك)، أن بلوغ البيتكوين قيمة 100 ألف دولار يُمثل نقطة تحول هامة في مسيرة المدفوعات الآمنة واللامركزية، ويُشير إلى التأثير المُتزايد لتقنية البلوك تشين في إعادة صياغة التجارة. وأضاف: "مع تعهد الرئيس المُنتخب "ترامب" بتحرير العملات المشفرة، نحن على أعتاب ثورة في آليات إجراء المعاملات، ثورة يمكن أن تُحدث تغييراً جذرياً في سوق رسوم التجار البالغة 600 مليار دولار، وأن تُعيد تشكيل قطاع التجزئة الذي تبلغ قيمته 30 تريليون دولار".

وتابع: "تخيّل نفسك تدخل مطعمك المفضل، وتستمتع بوجبة شهية، ثم تختار الدفع بعملة البيتكوين بدلاً من النقود أو البطاقات. لا حاجة لوسطاء أو رسوم إضافية، فقط معاملة بسيطة وآمنة عبر البلوك تشين. سيُمكّن حل التجارة الجديد المدعوم بالذكاء الاصطناعي من "تيثر" (Tether) كلاً من التجار والمتسوقين، إذ يلغي رسوم التجار ويسمح بمدفوعات سلسة عبر العملات المشفرة، سواء في المتاجر أو عبر الإنترنت. يتعلق هذا الأمر بالتخلص من قيود النظام المصرفي التقليدي، وبناء مستقبل أكثر عدلاً وابتكاراً للجميع."

وأشار حيدر رفيق، الرئيس العالمي للتسويق في شركة "أو كي إكس" (OKX)، إإلى نقطتين هامتين بمناسبة وصول البيتكوين إلى 100 ألف دولار. وقال: "أولاً، يمثل هذا الإنجاز لحظة احتفالية هامة للقطاع بأكمله. فقد عمل مئات الآلاف من المطورين والعاملين في هذا النظام البيئي على البيتكوين والعملات المشفرة على مدار العقد الماضي، وهذا دليل على جهودهم المثمرة. وثانياً، لا تزال هناك إشارات صعودية قوية في السوق، فنرى "مايكل سايلور" يوصي "مايكروسوفت" بشراء البيتكوين، بالإضافة إلى تزايد التبني المؤسسي، وغيرها من المؤشرات الإيجابية".

ومع ذلك، قد نشهد صدمة في العرض مستقبلاً مع تركيز شريحة أكبر من المستثمرين على العرض المحدود للبيتكوين في دورة صعودية. وأضاف "رفيق": "قد نشهد أيضاً تراجعاً في المدى القريب بنسبة 20-30%، حيث من المرجح أن يحقق بعض المستثمرين أرباحاً. لكن، من المتوقع ألا يستمر هذا النوع من التراجع طويلاً".

وقال "شيفام تاكرال"، الرئيس التنفيذي لشركة "باي يو كوين" (BuyUcoin)، ثاني أقدم بورصة للأصول الرقمية في الهند، أنّ المتداولين متحمسون لبيئة تنظيمية أكثر ملاءمة، خاصة مع تعهد "ترامب" بجعل الولايات المتحدة "عاصمة العملات المشفرة في العالم" وخططه لإنشاء احتياطي وطني للبيتكوين. وأضاف: "يتوقع المستثمرون استمرار المسار الصعودي للبيتكوين مع اقترابنا من عام 2025، ويتوقع البعض ارتفاعه إلى 120 ألف دولار قريباً".