"الإمارات المركزي" يعزز الشمول المالي بالدرهم الرقمي
تشهد العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية تحولاً جذرياً في المشهد المالي العالمي، وتُعدّ دولة الإمارات العربية المتحدة في طليعة الدول التي تتبنى هذه التقنية المبتكرة. ففي إطار استراتيجيتها الطموحة للدرهم الرقمي، يسعى مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي إلى تطوير هذه العملات لتعزيز الشمول المالي والارتقاء بالقطاع المالي نحو آفاق جديدة.
وأشاد "كونستانتين فلاديميروفيتش تسيرازوف"، الخبير المالي ونائب الرئيس الأول السابق في بنك "أوتكريتي"، بهذه الخطوة، مُعتبرها حافزاً قوياً نحو تعاون غير مسبوق بين البنوك وشركات التكنولوجيا المالية في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأكد "كونستانتين"، وهو مستشار أعمال استراتيجي لشركات التكنولوجيا المالية العالمية وعضو في المجالس الاستشارية في المؤسسات المالية في رابطة الدول المستقلة والشرق الأوسط، أن مبادرة العملة الرقمية للمصرف المركزي في دولة الإمارات العربية المتحدة ستستهدف السكان غير المصرفيين، وتمكنهم من الوصول إلى الأنظمة المالية، وتلقي المساعدات الحكومية، والمشاركة في معاملات آمنة وسلسة.
الذكاء الاصطناعي لتغيير مفهوم التكنولوجيا المالية
ويُشدد "كونستانتين" على دور الذكاء الاصطناعي المحوري في هذه الثورة المالية، قائلاً: "باتت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تُشكل القوة الدافعة للنظام البيئي الحديث للتكنولوجيا المالية، فهي إما أن تُمثل الأساس الذي تقوم عليه تطبيقات جديدة، أو تُصبح أداة يومية متكاملة ضمن عمليات التكنولوجيا المالية". ويتوقع أن يُعيد الذكاء الاصطناعي صياغة استخدام العملات الرقمية للبنوك المركزية من خلال تقديم مُساعدين افتراضيين أذكياء يُمكنهم التعامل مع التعقيدات المالية، وتوجيه المُستخدمين بكفاءة وتقديم دعم شخصي متميز.
وأوضح قائلاً: "في المُستقبل القريب، ستتطور المساعدات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي نحو الاستقلالية، مما سيُؤدي إلى ظهور كيانات تكنولوجية فريدة تُمثل وكلاء مستقلين داخل النظام المالي". ومن المتوقع أن هذا سيُصبح قوة دافعة في تبني العملات الرقمية للبنوك المركزية والخدمات المصرفية التقليدية على حدٍ سواء، حيث تُوفر هذه الأنظمة الموثوقية والأمان الضروريين للكيانات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي في النظام البيئي المالي الرقمي.
الحل لمشكلة فجوة تبني العملات المشفرة
بالرغم من النمو المُتسارع للأصول الرقمية عالمياً، إلا أن العملات المُشفرة مثل بيتكوين لا تزال تحظى بقبول محدود. ويُرجح "كونستانتين" أن تُقدم العملات الرقمية للبنوك المركزية، مدعومةً بثقة هذه المؤسسات، بديلاً أكثر جاذبية.
وقال: "تُساهم عملات البنوك المركزية الرقمية في سد الفجوة التي جعلت الأصول الرقمية مجرد منتجات محدودة الانتشار (أي ذات قاعدة مستخدمين ضيقة)، وتُوفر الاستقرار والثقة من خلال الإشراف والتنظيم من قِبل البنوك المركزية". علاوةً على ذلك، يسمح تصميمها بإجراء معاملات موفرة للطاقة، وهو ما يعالج تحدياً كبيراً تواجهه الأصول الرقمية الأخرى.
يُؤكد "كونستانتين" أن العملات الرقمية للبنوك المركزية ستُعيد صياغة مفهوم الشمول المالي بشكل جذري، لتشمل كلاً من الأشخاص والكيانات القائمة على الذكاء الاصطناعي.
يهدف هذا المفهوم الطموح في نهاية المطاف إلى المساهمة في بناء "إنترنت التمويل الرقمي". ويتصور هذا المفهوم نظاماً بيئياً مالياً عالمياً مترابطاً، حيث تلعب شركات التكنولوجيا المالية الناشئة دوراً محورياً في دمج العملات الرقمية للبنوك المركزية والذكاء الاصطناعي والخدمات المصرفية التقليدية في شبكة واحدة متكاملة.
ويُشير "كونستانتين" إلى أن "دول الخليج، وخاصةً الإمارات العربية المتحدة، تمتلك البنية التحتية والرؤية والموارد اللازمة لقيادة هذه الموجة من الابتكار المالي". وبفضل امتلاكها قاعدة متينة للطاقة المُستدامة، يُمكن للمنطقة دعم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية المُعتمدة على الذكاء الاصطناعي، وإطلاق عصر جديد من التمويل الرقمي.
ويُؤمن "كونستانتين" بأن العملات الرقمية للبنوك المركزية، المدعومة بالذكاء الاصطناعي والجهود التعاونية بين البنوك وشركات التكنولوجيا المالية، ستُساهم في تحقيق رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة الطموحة لتمويل رقمي شامل وآمن وفعّال.