

The Maraya Art Centre
على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية، تقدمت هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) إلى ما هو أبعد من التنمية الحضرية التقليدية لترسخ مكانة الشارقة كمركز عالمي للثقافة والفنون، ومنصة مستدامة للمعرفة ووجهة ديناميكية للاقتصاد الإبداعي في المنطقة.
وفقاً لتقرير التقدم الذي أصدرته "شروق" مؤخراً والذي يغطي 15 عاماً، فقد نفذت الهيئة خمسة مشاريع كبرى في قطاع الفنون والثقافة، بإجمالي استثمارات وشراكات بلغت 447 مليون درهم. تشكل هذه المشاريع جزءاً من محفظة استراتيجية شاملة تضم 52 مشروعاً في قطاعات مختلفة، تمتد على مساحة إجمالية تبلغ 60 مليون قدم مربع في جميع أنحاء الإمارة، بإجمالي استثمارات وشراكات تتجاوز 7.2 مليار درهم.
المشاريع الخمسة التي ترتكز عليها إنجازات "شروق" في هذا القطاع هي قلب الشارقة، وبيت الحكمة، وجزيرة النور، ومركز مرايا للفنون ومساحة 1971 للتصميم، ومنتزه مليحة الوطني. وتعكس هذه المشاريع مجتمعة التزام "شروق" بتعزيز اقتصاد ثقافي مزدهر يرتكز على التراث والإبداع والاستدامة.
تتوافق هذه الجهود مع تقارير اليونسكو التي تؤكد أن المشاريع الثقافية والإبداعية هي محرك اقتصادي واجتماعي مهم، حيث تساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي، وتخلق فرص عمل، وتعزز التماسك الاجتماعي، بينما تؤثر أيضاً بشكل إيجابي على التنمية المستدامة. وهذا يؤكد الأهمية الاستراتيجية للقطاع كعنصر أساسي في دعم النمو المستدام والتنوع الاقتصادي، خاصة في المدن التي تتبنى الهوية الثقافية كجزء أساسي من نسيجها الحضري.
تدعم هذه الاستثمارات أيضاً جهود دولة الإمارات في وضع الاقتصاد الإبداعي كركيزة أساسية لاستراتيجيتها في النمو والتطوير خلال الخمسين عاماً المقبلة، خاصة وأنه أحد أسرع القطاعات الاقتصادية نمواً في العالم، حيث يساهم بأكثر من 6.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي ويولد عائدات سنوية تتجاوز 2 تريليون دولار.
منتزه مليحة الوطني: أرشيف حي وتجربة صديقة للبيئة
تمتد حديقة مليحة الوطنية على مساحة 34.2 كيلومتر مربع في وسط الشارقة، وتقدم دمجاً فريداً بين التراث والتعليم والمغامرات الخارجية. يحتوي الموقع على بقايا أثرية تعود إلى أكثر من 210,000 سنة، إلى جانب مركز مليحة الأثري الذي يمكن الزوار من التفاعل المباشر مع الماضي القديم للمنطقة. تشمل التجارب المتاحة ركوب الخيل، التخييم، التنزه الجبلي، والطيران الشراعي في سكاي أدفنتشرز، أول مركز طيران شراعي مرخص في الإمارات. كما تقدم الحديقة برامج تعليمية تركز على علم الفلك، مثل معسكر الفضاء، وتعتبر جزءاً من منظر فايا القديم الذي تم إدراجه رسمياً على قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 2025.
بيت الحكمة: مركز ثقافي يركز على المستقبل
يختلف بيت الحكمة عن أي مشروع ثقافي آخر في المنطقة، حيث يتجاوز مجرد عرض الكتب لإعادة تعريف علاقتنا بها. تم بناؤه على مساحة 40,391 متراً مربعاً، وافتتح في عام 2019 احتفالاً باعتراف اليونسكو بالشارقة عاصمة عالمية للكتاب في ذلك العام، ويضم نصب المخطوطة (Scroll monument) الأيقوني – وهو عمل فني عام مذهل يرمز إلى القوة الخالدة للمعرفة والكلمة المكتوبة.
تضم المكتبة المستقبلية حوالي نصف مليون عنوان في المجالات الثقافية والأدبية والمعرفية، بما في ذلك 105,000 كتاب مطبوع، و 400,000 عنوان رقمي عبر منصاتها المختلفة على الإنترنت، وأكثر من مليون أطروحة جامعية، و 34,000 دورية ومجلة، و 56,000 فيديو، مما يدعم رؤيتها للمعرفة كحق أساسي لجميع أفراد المجتمع ودور المكتبات كمنصات للحوار الثقافي. كما يحظى بتقدير كبير لتصميمه المعماري المستدام ومساحاته المفتوحة وفعالياته الفكرية المتنوعة، حيث يجذب الأطفال والشباب والباحثين والكتاب والطلاب، ويقدم تجربة تنقلهم من متلقين سلبيين إلى مشاركين فاعلين في التبادل الثقافي.
كما يحظى بتقدير كبير لتصميمه المعماري المستدام ومساحاته المفتوحة وفعالياته الفكرية المتنوعة، حيث يجذب الأطفال والشباب والباحثين والكتاب والطلاب، ويقدم تجربة تنقلهم من متلقين سلبيين إلى مشاركين فاعلين في التبادل الثقافي.
قلب الشارقة: منطقة تراثية حية
يعتبر قلب الشارقة واحداً من أكبر وأهم مشاريع الترميم الثقافي في المنطقة، حيث أعادت هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) تشكيل مركز الإمارة التاريخي وتحويله إلى حي حيوي. وتم إحياء الأسواق التقليدية مثل سوق العرصة وسوق الشناصية، بينما تم ترميم المنازل القديمة بعناية وإعادة توظيفها وفقاً لأعلى معايير العمارة الأصيلة.
يقف فندق شيدي البيت الشارقة، إلى جانب امتداده الحصري، جناح السراي بيت خالد بن إبراهيم، اليوم كشهادة على إحياء المنطقة التراثية كمركز للحياة اليومية ومسرح مفتوح للتفاعل بين الزوار والمجتمع. وأصبح المشروع الآن واحداً من أبرز الوجهات الثقافية والتراثية في المنطقة، حيث يستضيف فعاليات وطنية مثل أيام التراث في الشارقة ويدعم المبادرات التي تحتفل بالحرف التقليدية والفنون الشعبية والمأكولات المحلية.
جزيرة النور: حيث يلتقي التراث بالفن
تقع جزيرة النور في بحيرة خالد وتمتد على مساحة 45,470 متراً مربعاً، وهي مشروع رائد يمزج بسلاسة بين الثقافة والطبيعة في تجربة بصرية متعددة الحواس. يمكن للزوار استكشاف المنشآت الفنية، وهياكل الإضاءة التفاعلية، والمسارات النباتية المنسقة، والميزات البارزة مثل بيت الفراشات. منذ افتتاحها، اجتذبت الجزيرة الآلاف من الزوار من جميع أنحاء الإمارات والخارج، ويُنظر إليها كواحدة من الوجهات التفاعلية الرائدة المناسبة للعائلات في المنطقة.
مركز مرايا للفنون ومساحة 1971 للتصميم: منصات اقتصاد إبداعي مستدام
استجابة للمشهد المتطور للفنون البصرية المعاصرة، أنشأت "شروق" مركز مرايا للفنون ومساحة 1971 للتصميم، تشغل كل منهما أكثر من 621 متراً مربعاً، وتعملان كمنصات نابضة بالحياة تستضيف معارض متناوبة وإقامات للفنانين وورش عمل مفتوحة ومنتديات فكرية تعزز الحوار بين الفن والمجتمع الأوسع. يخصص مرايا للفنون البصرية، بينما يركز 1971 على التصميم المعاصر التجريبي. وقد أصبح كلاهما فعالاً في دعم المواهب الإماراتية الناشئة وتسهيل المشاركة في الفعاليات الثقافية الكبرى، بما في ذلك آرت دبي (Art Dubai)، وبينالي الشارقة (Sharjah Biennial)، والمعارض الدولية في مدن مثل برلين ولندن وسيول.