مشاريع الإمارات الضخمة طموح نحو اقتصاد مستدام

تعمل الحكومة على نشر الاستثمارات بشكل استراتيجي في القطاعات التي تعد بخلق قيمة طويلة الأجل
مشاريع الإمارات الضخمة طموح نحو اقتصاد مستدام
تاريخ النشر

أكد أحد الخبراء في قطاع السياحة أن دولة الإمارات العربية المتحدة تظل دولة نشطة ومتطلعة إلى المستقبل، حيث تشير مبادرات التحول واسعة النطاق إلى طموح الحكومة في خلق اقتصاد مستدام للمواطنين والزوار على حد سواء.

وقال فيل مالم، الرئيس التنفيذي لشركة سيركو الشرق الأوسط و+إمباكت، في مقابلة: "تعمل حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة على نشر الاستثمارات بشكل استراتيجي في القطاعات التي تعد بخلق قيمة طويلة الأجل، بما في ذلك البنية التحتية والسياحة والطاقة النظيفة والابتكار الرقمي والخدمات اللوجستية المتقدمة - وكلها عوامل محفزة للنمو الاقتصادي المستدام".

وأضاف أن الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في دولة الإمارات العربية المتحدة يشهد انتعاشاً بفضل زيادة مشاركة القطاع الخاص والدفع نحو التحول إلى مركز عالمي للابتكار والتجارة والمواهب.

من الجدير بالذكر أيضاً النظر إلى المملكة العربية السعودية، وهي دولة تُطبّق أحد أكثر برامج التنويع الاقتصادي طموحاً في العالم في ظل رؤية 2030. وصرح مالم قائلاً: "مشاريع مثل نيوم والقدية ومشروع البحر الأحمر ليست مجرد استثمارات في البنية التحتية؛ بل تُمثّل نموذجاً اقتصادياً جديداً قائماً على المعرفة والإبداع وأنظمة خدمات مُجهّزة للمستقبل. لا تتطلب هذه المشاريع العملاقة نماذجَ تقديم خدمات مُتقدّمة فحسب، بل تتطلب أيضاً قدراتٍ استشارية استراتيجية، وشركاءً قادرين على التفكير والتصميم والتشغيل على نطاق واسع. وهنا تكمن أقوى نقاط قوتنا: في تقديم خدمات مُستعانة بمصادر خارجية، متكاملة بعمق، ومتوافقة ثقافياً، وقادرة على التكيّف مع مختلف الجوانب التشغيلية والاستشارية".

تتمتع سيركو بسجل حافل في قطاع الطيران، ويعتقد مالم أن إعلان دبي عن نقل عمليات المطار بالكامل إلى مطار آل مكتوم الدولي (DWC) خلال العقد المقبل يُمثل لحظة محورية في مستقبل قطاع الطيران العالمي. وأضاف مالم: "لا يُعد مطار آل مكتوم الدولي مجرد توسعة مطار، بل هو أساس منظومة طيران جديدة في دولة الإمارات العربية المتحدة. مع طاقة استيعابية متوقعة تبلغ 260 مليون مسافر سنوياً، يُمثل هذا المشروع إعادة تعريف جريء لمفهوم الربط العالمي وتجربة المسافرين والبنية التحتية لقطاع الطيران. وسيُحدث نقلة نوعية في تدفقات الحركة الجوية واستراتيجيات اللوجستيات ورحلة المسافرين بأكملها في جميع أنحاء المنطقة".

بالنسبة لنا في سيركو، يُعدّ هذا توافقاً طبيعياً مع قدراتنا وإرثنا العريق. وصرح مالم: "لطالما انخرطنا في قطاع الطيران في المنطقة (ندعم مطاري دبي والشارقة بخدمات متنوعة ومتعددة)، بدءاً من إدارة عمليات مراقبة الحركة الجوية المعقدة وصولاً إلى تقديم خدمات متكاملة للمطارات والركاب. يُتيح تحوّل مطار دبي ورلد سنترال فرصةً لإعادة النظر في كيفية تشغيل المطارات: كيف يُمكن تحسين البيانات والأتمتة والكفاءات لتلبية احتياجات المسافرين المتغيرة ومعايير السلامة وأهداف الاستدامة. كما يُعزز هذا التحوّل الحاجة إلى قوى عاملة محلية ذات مهارات عالية، ولذلك ستواصل استثماراتنا في التوطين، مثل تدريب مراقبي الحركة الجوية الإماراتيين وقادة العمليات، نموها بما يتماشى مع طموحات الدولة".

قال الرئيس التنفيذي لشركة سيركو الشرق الأوسط إن التعاون بين القطاعين العام والخاص لا يزال أساسياً لنجاح أجندات التحول الوطني في المنطقة. وأضاف مالم: "نظراً لأن العديد من أكبر المؤسسات في المنطقة مملوكة أو مدعومة من الحكومات، فإن قدرة شركاء القطاع الخاص على العمل بتوافق تام مع أهداف القطاع العام هي ما يحدد الأثر طويل المدى. فالحكومات لا تبحث فقط عن مقدمي خدمات، بل تبحث أيضاً عن شركاء يفهمون الرؤية الوطنية، ويشاركونها قيمها، ويجمعون بين الخبرة العالمية والالتزام المحلي. وهذا أمر بالغ الأهمية بشكل خاص في قطاعات مثل الطيران والنقل والدفاع وخدمات المواطنين، حيث تؤثر النتائج على ملايين الأرواح وتتطلب تفكيراً استراتيجياً طويل المدى".

استثمرت سيركو بشكل كبير في بناء قاعدة من المواهب المحلية، ليس من خلال برامج مُنظّمة، بل من خلال برامج تُحسّن مهارات المواطنين الإماراتيين والسعوديين وتُدرّبهم وتُوفّر لهم خبرات قيّمة بمعايير دولية. وصرح مالم قائلاً: "إن التعاون، عندما يُبنى على الثقة والهدف المشترك، يُصبح مُضاعفاً للنتائج. فهو يُمكّننا من التحرّك بشكل أسرع، والعمل بذكاء أكبر، وتحقيق نتائج مُشتركة. في هذه المنطقة، حيث الطموحات عالية والتحول مُستمر، تُعدّ الشراكات بين القطاعين العام والخاص، القائمة على الكفاءة والنزاهة، المحرك الذي سيُحفّز التقدم المُستدام".

مع تزايد انخراط الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية، تتطور التوقعات المتعلقة بتجربة العملاء بوتيرة غير مسبوقة. وصرح مالم: "بالنسبة للشركات العاملة في الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، يتمثل التحدي في شقين: كيف نستغل أحدث التقنيات، كالذكاء الاصطناعي، مع الحفاظ على التعاطف والفهم اللذين تُبنى عليهما التجارب الرائعة حقاً؟ أعتقد أن الحل يكمن في دمج الابتكار التكنولوجي مع البصيرة البشرية، وهو ما سعينا لتحقيقه من خلال شركتنا التي أطلقناها مؤخراً، +إمباكت، وهي شركة استشارية تابعة لشركة سيركو".

من خلال +إمباكت، تُركز سيركو على تحقيق نتائج قابلة للقياس وهادفة. وصرح مالم: "من أهم خدماتنا في +إمباكت تقديم الاستشارات في مجال تجربة العملاء، ونتمتع بخبرة واسعة في تحليل السلوك وتصميم الخدمات وتجربة المستخدم، مما يُمكّننا من رسم خريطة حقيقية لرحلات العملاء وتصميم حلول تُلبي احتياجاتهم، لا مجرد الاستجابة لها. وهذا يُتيح لنا دمج التعاطف والابتكار بشكل مباشر في تقديم الخدمات، مما يُسهم في بناء تجارب تُعزز الثقة والرضا والولاء على المدى الطويل".

لكن الذكاء الاصطناعي وحده لا يكفي، بل يجب أن يقترن بفهم بشري متين وقدرة استشارية استراتيجية. وصرح مالم: "هنا أرى أن هذا التقارب بين الذكاء الاصطناعي والبيانات والتصميم والتميز التشغيلي يُشكل مستقبل تقديم الخدمات. ونحن فخورون بإحداث تأثير إيجابي في مختلف الحكومات والمؤسسات في المنطقة، إذ تقود هذه الحكومات الطريق نحو تحديد ملامح التجارب الاستثنائية التي تركز على الإنسان في العصر الرقمي".

موصى به

No stories found.
Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com