عوامل متغيرة تصعب مهمة التنبؤ بأسعار الذهب المستقبلية

قامت شركة "جولدمان ساكس" مؤخراً بمراجعة توقعاتها لسعر الذهب بنهاية عام 2025 إلى 3300 دولار
زادت البنوك المركزية احتياطياتها من الذهب بشكل كبير
زادت البنوك المركزية احتياطياتها من الذهب بشكل كبير
تاريخ النشر

تشهد أسعار الذهب ارتفاعاً حاداً، إذ يُعيد المعدن الأصفر تأكيد مكانته كأصلٍ مُخفِّفٍ للمخاطر. والآن، بعد تجاوزه حاجز 3000 دولار للأونصة، يبقى السؤال: إلى أي مدى يُمكن أن يصل في عالمٍ مُحفوفٍ بالتوترات التجارية وغموض التضخم؟

في ظل المشهد العالمي المتقلب بشكل متزايد والذي يتسم بالتوترات التجارية والضغوط التضخمية، يقوم المستثمرون في جميع أنحاء العالم بإعادة تنظيم محافظهم الاستثمارية بشكل استراتيجي، مما يؤدي إلى ارتفاع الطلب على الذهب.

بينما يتنبأ محللو السوق بمسارات الأسعار المستقبلية، يتوقع البعض مستويات مقاومة حرجة عند 3100 دولار أمريكي، بل وحتى 3450 دولاراً أمريكياً للأونصة. وبينما يمتنع مجلس الذهب العالمي عن إصدار أهداف سعرية محددة، فإن التوقعات المؤسسية الصادرة عن كيانات مالية كبرى تُقدم رؤىً حول تحركات السوق المحتملة.

عدّل بنك جولدمان ساكس مؤخراً توقعاته لسعر الذهب بنهاية عام ٢٠٢٥ إلى ٣٣٠٠ دولار للأوقية، ارتفاعاً من تقدير سابق بلغ ٣١٠٠ دولار. يعكس هذا التعديل إدراك البنك لتدفقات استثمارية فاقت التوقعات في صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب، واستمرار الطلب من البنوك المركزية.

زادت البنوك المركزية احتياطياتها من الذهب بشكل كبير، حيث ارتفعت حصتها من إجمالي الطلب من نسبة متواضعة بلغت 1.8% في عام 2010 إلى نسبة هائلة بلغت 21% في عام 2024. ويؤكد هذا التوجه ميلاً متزايداً لدى السلطات النقدية إلى تخزين الذهب للحماية من تقلبات الاقتصاد. وتتوقع جولدمان ساكس أن تواصل البنوك المركزية الآسيوية الكبرى زيادة حصتها من الذهب على مدى السنوات الثلاث إلى الست المقبلة، بهدف تحقيق أهدافها المتعلقة بالاحتياطيات.

تتباين التوقعات المستقبلية بشأن أسعار الذهب بشكل كبير، إذ يشير بعض المحللين إلى أن الأسعار قد تصل إلى 5000 دولار للأونصة بحلول نهاية عام 2025. ومع ذلك، يحث خبراء سوق السبائك المتمرسون على توخي الحذر، مشيرين إلى أن النطاق السعري الأكثر واقعية يتراوح بين 3000 و3500 دولار للأونصة في السنوات القليلة المقبلة. وأشار أحد تجار السبائك في دبي إلى أن "الذهب يميل إلى كسر أعلى مستوياته التاريخية عدة مرات، مما يجعل التنبؤات الدقيقة صعبة".

ويؤكد "جوزيف كافاتوني"، كبير استراتيجيي السوق في مجلس الذهب العالمي، أن الارتفاع الأخير لسعر الذهب فوق مستوى 3000 دولار أمريكي يشير إلى تحول كبير في توجهات المستثمرين في ظل تصاعد حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي. ووفقاً لبيانات مجلس الذهب العالمي، شهدت صناديق الذهب المتداولة العالمية تدفقات صافية بلغت 3 مليارات دولار أمريكي الأسبوع الماضي وحده، أي ما يعادل حوالي 31 طناً من الذهب. ويمثل هذا الأسبوع الثامن على التوالي من التدفقات، مدفوعةً بشكل رئيسي بالطلب في أمريكا الشمالية. ومنذ بداية العام، تجاوز إجمالي التدفقات الصافية 19 مليار دولار أمريكي (207 أطنان)، مما يجعل عام 2025 يشهد أقوى ربع أول منذ عام 2022.

وقال كافاتوني: "تتزايد المخاطر، ويتجه المستثمرون بشكل متزايد نحو الأصول التي تحميهم من المخاطر". ومن بين التدفقات النقدية الواردة هذا العام والبالغة 19 مليار دولار، خُصص ما يقرب من 12 مليار دولار لاستثمارات الذهب الأمريكية، مما يُبرز الدور المحوري للسوق الأمريكية في الطلب العالمي على الذهب. ويتوقع أن تتسارع وتيرة الاستثمارات الأوروبية في الأشهر المقبلة، خاصةً إذا تدهورت الأوضاع الاقتصادية الكلية أو استمر ضعف الدولار. وأضاف كافاتوني: "الاستراتيجيات الاقتصادية للإدارة الحالية تخضع للتدقيق، مما يؤثر على معنويات المستثمرين".

ويتلقى زخم الاستثمار في قطاع الذهب دعماً إضافياً من التطورات الأخيرة في الصين، حيث بدأت شركات التأمين في تلقي الموافقات للاستثمار في الذهب من خلال بورصة شنغهاي للذهب ــ وهو ما يشير إلى تحول أوسع في استراتيجيات الاستثمار.

وقال محللون إنه في حين يظل طلب البنوك المركزية قوياً - ويتجلى ذلك في استمرار عمليات الشراء من دول مثل الصين وبولندا وبوليفيا - فإن آفاق الذهب مترابطة مع الظروف الاقتصادية العالمية ومعنويات المستثمرين. ومع استمرار التوترات الجيوسياسية وتزايد الضغوط التضخمية، من المرجح أن يحافظ الذهب على جاذبيته كملاذ آمن، مما يجعله محط أنظار المستثمرين المؤسسيين والأفراد على حد سواء في السنوات المقبلة.

موصى به

No stories found.
Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com