

وتظهر بيانات الصناعة أن دولة الإمارات العربية المتحدة تسيطر بالفعل على أكبر حصة من مساحة الأرضيات البيضاء لمراكز البيانات في الشرق الأوسط.
تشهد صناعة مراكز البيانات في دولة الإمارات توسعاً هائلاً، إذ يُتوقع أن يتجاوز حجم السوق ثلاثة أضعاف ليصل إلى 3.3 مليارات دولار بحلول عام 2030، مدفوعاً بالطلب المتزايد على خدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية السيادية.
ويبرز هذا النمو المتوقع صعود الدولة كواحدة من أسرع الاقتصادات الرقمية نمواً في العالم، ومحوراً إقليمياً رئيسياً للابتكار والاستثمار في التقنيات السحابية.
ووفقاً لتقرير شركة “ريسرش آند ماركتس”، فإن سوق مراكز البيانات في الإمارات – الذي تُقدّر قيمته بنحو 1.26 مليار دولار في عام 2024 – يشهد نمواً بمعدل سنوي مركب يقارب 18%، مع دخول قدرات جديدة كبيرة إلى الخدمة في دبي وأبوظبي والشارقة. ويعزو المحللون هذا النمو إلى تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي ومتطلبات توطين البيانات، إلى جانب المبادرات الحكومية الطموحة للتحول الرقمي، التي جعلت البنية التحتية للبيانات أولوية استراتيجية وطنية.
وتُظهر بيانات القطاع أن الإمارات تمتلك بالفعل الحصة الأكبر من مساحة “الطابق الأبيض” لمراكز البيانات في منطقة الشرق الأوسط، حيث تستحوذ على نحو 29% من إجمالي القدرة الجديدة المضافة في عام 2024. ويسابق المشغلون الزمن لتلبية الطلب المتزايد من الشركات والجهات الحكومية على خدمات السحابة السيادية القادرة على استضافة تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
وعلى جانب الإمداد، تضم الإمارات حالياً أكثر من 350 ميجاواط من السعة التشغيلية، مع 500 ميجاواط إضافية قيد التطوير وهو مستوى يعزز مكانتها كمركز رئيسي للاتصال والسيادة الرقمية في منطقة الخليج. وتأتي الاستثمارات من شركات التكنولوجيا العالمية ومشغلي الاتصالات وصناديق الثروة السيادية على حد سواء، ما يعكس مدى ارتباط البنية التحتية الرقمية بالتنافسية الاقتصادية طويلة الأمد للدولة.
وقال فهد الحساوي، الرئيس التنفيذي لشركة “دو”: “نستثمر بشكل قوي في البنية التحتية الرقمية الوطنية والسيادة الرقمية للبيانات لتمكين المرحلة التالية من الاقتصاد الرقمي في دولة الإمارات.” وقد دخلت “دو” مؤخراً في شراكة مع “مايكروسوفت” لإطلاق مشروع مركز بيانات فائق النطاق بقيمة ملياري درهم، ضمن استراتيجيتها لبناء منصات هجينة تعتمد على الذكاء الاصطناعي ودعم التحول السحابي للحكومات والشركات.
من جانبه، أكد إيريك وان، نائب رئيس شركة “علي بابا كلاود إنترناشيونال”، أن “البيئة التنظيمية المنفتحة والرؤية القائمة على الذكاء الاصطناعي في الإمارات تجعل منها مركزاً مثالياً للتوسع الإقليمي”. فيما أشار مسؤولو شركتي “أوراكل” و“كلوديرا” إلى أن نماذج الحوسبة السحابية الهجينة تتيح معالجة آمنة للبيانات وتطويراً قابلاً للتوسع لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وقدّرت دراسة حديثة صادرة عن شركة “موردور إنتليجنس” أن “حجم سوق مراكز البيانات في الإمارات يبلغ 429.34 ميجاواط هذا العام، ومن المتوقع أن يصل إلى 841.03 ميجاواط بحلول عام 2029، مع معدل نمو سنوي مركب يبلغ 14.39% للفترة بين 2024 و2029”، ما يعكس المسار التصاعدي المستمر لهذا القطاع.
وأشار تحليل آخر إلى أنه “مع وجود 35 مركز بيانات وإنفاق عام على الحوسبة السحابية يبلغ 228 دولاراً لكل موظف وهو الأعلى في دول مجلس التعاون الخليجي — تُعد البنية التحتية الرقمية لدولة الإمارات منصة قوية للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي”، مما يبرز كيف تعيد الاستثمارات الوطنية واسعة النطاق رسم ملامح مشهد التكنولوجيا في المنطقة.
ويتوقع محللو شركة “سي بي آر إي” وغيرها من مؤسسات الأبحاث استمرار النمو بمعدلات مزدوجة الرقم حتى عام 2030، مدفوعاً بالطلب على مراكز البيانات فائقة النطاق ومشروعات المدن الذكية والمنشآت التي تعمل بالطاقة النظيفة. ومع تحول التحول الرقمي إلى العمود الفقري للاستراتيجية الوطنية، فإن الإمارات لا تبني مجرد مراكز بيانات — بل تؤسس لقاعدة اقتصاد متكامل يعتمد بالكامل على الذكاء الاصطناعي.