تم الإعلان عن ذلك خلال أحدث جولة ترويجية لـ Made For Trade Live التي نظمها مركز دبي للسلع المتعددة في فيتنام.
تستعد دبي لاتخاذ خطوة كبيرة يمكن أن تعيد تشكيل هيكلها المالي والتجاري للعقد المقبل.
أعلن مركز دبي للسلع المتعددة (DMCC)، أكبر منطقة حرة في العالم وأكبر منطقة أعمال دولية، عن خطط لإطلاق مركز مالي جديد سيكون بمثابة المحرك المالي لمنظومتها التجارية سريعة النمو.
تشير هذه الخطوة إلى مرحلة جديدة في تطور دبي، من بوابة عالمية إلى مدينة تتلاقى فيها التجارة والتمويل والتكنولوجيا ورؤوس الأموال بسلاسة.
تم الإعلان عن المشروع خلال جولة مركز دبي للسلع المتعددة الأخيرة ضمن مبادرة "صُنع من أجل التجارة الحية" في فيتنام، حيث استكشف أكثر من 550 من قادة الأعمال الفيتناميين دبي كمنصة للتوسع الدولي. وبينما سلطت الجولة الضوء على ازدهار العلاقات الاقتصادية بين الإمارات وفيتنام في ظل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA)، كان الكشف عن المركز المالي هو الحدث الأبرز الذي جذب أنظار الأسواق العالمية والمراقبين الاقتصاديين.
سيضم المركز المالي المرتقب لمركز دبي للسلع المتعددة بنوكًا، ومختبرات ابتكار في التكنولوجيا المالية (فينتك)، ومنصات الأصول الرقمية، وشركات رأس المال الجريء والملكية الخاصة، ومكاتب إدارة الثروات، ومسرّعات الأعمال، ومقدمي خدمات مالية متخصصة ضمن منطقة متكاملة واحدة. الهدف هو إنشاء عمود فقري مالي يدعم تدفقات التجارة في المدينة ونموها الريادي وشبكات السلع واللوجستيات والقطاعات الاقتصادية الرقمية.
ستتمكن الشركات ضمن مجتمع المركز البالغ عددها 26 ألف شركة من الوصول المباشر إلى رأس المال والتمويل المهيكل وحلول إدارة المخاطر وأطر التسوية عبر الحدود والخدمات الاستشارية والشراكات الاستثمارية والبنية التحتية للأسواق، وكل ذلك كان يتطلب في السابق التعامل مع منصات أو ولايات قضائية متعددة.
وصف أحمد بن سليم، الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة مركز دبي للسلع المتعددة، هذا التطور بأنه تحوّلي، مشددًا على أنه "سيُوصل شركاتنا الأعضاء بشكل مباشر أكثر بالنظام المالي العالمي"، وأنه سيُرسخ "تمويل التجارة، وابتكار التكنولوجيا المالية، وحلول الأصول الرقمية عبر دبي وخارجها". وأضاف أن الحي المالي الجديد يعزز طموح دولة الإمارات في وضع دبي بين أهم المراكز المالية في العالم.
ومن المتوقع أن يُكمل المركز المالي الجديد لمركز دبي للسلع المتعددة دور مركز دبي المالي العالمي (DIFC)، المعروف كأحد أبرز المراكز المالية الرائدة في مجالات البنوك والتأمين وإدارة الأصول والخدمات المهنية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا. سيركز المركز المالي المرتقب على الشرايين المالية للتجارة العالمية — بما في ذلك تمويل السلع، وتمويل الفواتير وسلاسل الإمداد، ومنشآت التجارة المهيكلة، وأنظمة التسوية المدعومة بتقنية البلوك تشين، وإتاحة رأس المال الموجه للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
في حين يوفر مركز دبي المالي العالمي إطارًا قانونيًا وتنظيميًا متطورًا للمؤسسات المالية الكبرى العالمية، يهدف مركز دبي للسلع المتعددة إلى دمج الخدمات المالية مباشرة حيث تتمركز التجارة وتدفقات السلع والعمليات اللوجستية وشبكات المؤسسات الرقمية. معًا، يعززان الميزة التنافسية لدبي: مركز دبي المالي العالمي باعتباره مركز المقرات العالمية للتمويل، ومركز دبي للسلع المتعددة كبوابة تربط رأس المال بالتجارة الواقعية.
يأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه التدفقات الاقتصادية العالمية إعادة توازن نحو المدن التي تملك اتصالًا قويًا واستقرارًا في السياسات وسهولة في حركة رأس المال. وتشير الأبحاث المستقلة إلى أن دبي تُعد من أسرع مراكز الثروة نموًا في العالم. وتتوقع شركة "هينلي آند بارتنرز" أن تجذب الإمارات 9800 من أصحاب الثروات العالية في عام 2025، وهو أعلى صافي تدفق عالمي. وتقدّر مجموعة "بوسطن كونسلتينغ" أن الثروة الخاصة في الدولة ستنمو بأكثر من 6 في المئة سنويًا حتى عام 2028. وتستمر استراتيجية دبي الاقتصادية وبرامج الإقامة طويلة الأمد ونظامها الضريبي الصفري ولوائحها الصديقة للأعمال في تعزيز جاذبيتها لدى المستثمرين ورواد الأعمال والمؤسسات والشركات العائلية.
يتزامن توقيت إطلاق المركز المالي أيضًا مع النمو السريع في التواصل التجاري بين الإمارات وجنوب شرق آسيا. فبعد دخول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وفيتنام حيّز التنفيذ العام الماضي، ارتفع حجم التجارة غير النفطية الثنائية إلى 7 مليارات دولار في النصف الأول من عام 2025، بزيادة تقارب 17 في المئة على أساس سنوي، مع توقعات بأن تقترب التجارة من 20 مليار دولار في المستقبل القريب. ويوجد أكثر من 670 شركة من جنوب شرق آسيا — بما في ذلك نسبة متزايدة من فيتنام — تعمل بالفعل في مركز دبي للسلع المتعددة، مستفيدة من دبي كنقطة انطلاق للتوسع العالمي.
سيسهم المركز المالي الجديد في تسريع هذا التوسع وجعله أقل تكلفة وأكثر كفاءة في رأس المال.
ويتوافق هذا التطور أيضًا مع دور مركز دبي للسلع المتعددة المتنامي في أسواق الأصول الرقمية، عقب تعاونه مع هيئة تنظيم الأصول الافتراضية في دبي (VARA)، ومع نجاح مركز الثروات (Wealth Hub) التابع له، الذي يدعم هيكلة رأس المال الخاص وتوجيه الاستثمارات. وفي الوقت نفسه، يواصل مركز دبي المالي العالمي جذب البنوك العالمية ورؤوس الأموال السيادية وشركات التكنولوجيا المالية العملاقة وصناديق التحوط، مما يجعل دبي واحدة من المدن العالمية النادرة التي تتعايش فيها منظومتان رائدتان: التمويل المؤسسي ورؤوس الأموال المبتكرة القائمة على الابتكار.
ومن خلال دمج التمويل مباشرة في قلب النشاط التجاري، يعزز مركز دبي للسلع المتعددة مكانة دبي ليس فقط كمفترق طرق للتجارة العالمية، بل كمركز قيادة تلتقي فيه رؤوس الأموال العالمية مع التجارة العالمية.
ويؤكد المحللون الماليون أن المركز المالي الجديد يترجم رواية واضحة: لم تعد دبي تكتفي بربط الأسواق، بل أصبحت تساهم في تشكيل الطريقة التي ستعمل بها أنظمة التجارة والتمويل في المستقبل.