

يوضح وايت أن صعود دبي كمركز للأصول الافتراضية يجذب بعضاً من أكبر اللاعبين في العالم.
برزت دبي كأول نطاق قضائي في العالم يؤسس هيئة تنظيمية متخصصة للأصول الافتراضية، وتكشف طموحاتها بوضوح. فمنذ تأسيس هيئة تنظيم الأصول الافتراضية في عام 2022، لم يقتصر دورها على الإشراف، بل انصب تركيزها على تحفيز سوق يتأهب لأن يكون محركاً رئيسياً للنمو العالمي. يشرح الرئيس التنفيذي ماثيو وايت كيف تطوّر الهيئة إطارها التنظيمي لمواكبة الابتكار السريع، مع ضمان حماية المستثمرين ونزاهة السوق.
يقول وايت: "إن عالم الأصول الافتراضية يتغير بوتيرة متسارعة، وعلى الجهات التنظيمية مواكبة وتيرة التطورات والابتكارات في القطاع". ولهذا الغرض، أنشأت الهيئة إطاراً تنظيمياً يعتمد على مبادئ واضحة وأساسية: توجيهات مبنية على المبادئ، متطلبات خاصة بكل نشاط، إلى جانب إشراف قوي وبيّن قائم على البيانات.
ويضيف: "الفكرة ألا نضطر إلى إعادة كتابة القوانين بالكامل في كل مرة تتغير فيها التكنولوجيا، بل نركز على توفير وضوح واستقرار ومرونة للسوق".
ومنذ العام 2022، تطورت هيئة تنظيم الأصول الافتراضية إلى جهة رقابية متكاملة تشرف على أحد أكثر أسواق الأصول الافتراضية نشاطاً في العالم. ويركز وايت على ثلاثة أولويات رئيسية: استثمار التقنيات في تعزيز الرقابة، توسيع رقعة الابتكار بأمان من خلال المشاريع التجريبية ومناطق الحماية التجريبية، وتعزيز الانسجام العالمي بين المعايير التنظيمية، مشيراً إلى أنهم بدأوا في اختبار مشاريع كالترميز العقاري والتمويل اللامركزي.
كما يوضح: "نلتزم بالمعايير العالمية ونعمل بتعاون وثيق مع جهات مثل هيئة الأوراق المالية والسلع الإماراتية لوضع إطار وطني موحّد وتعزيز التعاون العابر للحدود".
يؤكد وايت أن تشجيع الابتكار لا يعني التساهل في معايير الرقابة: "الامتثال والابتكار ليسا نقيضين، بل متكاملان. يستفيد الجميع عندما تكون القوانين واضحة ومصممة لدعم الابتكار — المستثمرون والمستهلكون والمبتكرون على حد سواء". ويضيف أن الإطار القائم على المبادئ يضع ضوابط محددة، فيما يُمنح مزوّدو خدمات الأصول الافتراضية المرونة في كيفية تحقيق تلك المتطلبات.
ويشدد على أن المرونة تقابلها المساءلة: "عندما تتعرض مصالح المستخدمين للخطر أو تُنتهك القواعد، نتحرك بسرعة". ويوضح أن القواعد الجديدة للتسويق تفرض غرامات تصل إلى عشرة ملايين درهم، ما يعكس جدية الهيئة في تطبيق اللوائح. ويؤكد أن التواصل المستمر مع القطاع أمر محوري في منهجية الهيئة.
ويضيف: "مع كل تحديث على اللوائح نفتح باب التشاور مع المزوّدين، والخبراء التقنيين، والمستثمرين — نتلقى الملاحظات ونأخذها بعين الاعتبار. كما ننظم ورش عمل ونشارك في فعاليات كبرى كجيتكس وتوكن 2049 للبقاء في قلب منظومة القطاع".
ويتابع وايت: "صعود دبي كمركز عالمي للأصول الافتراضية يجذب كبار اللاعبين في العالم. المستثمرون المؤسسيون يحتاجون إلى بنية تحتية موثوقة وخدمات رعاية ومنتجات متنوعة محلية. وجود جهات مرخصة محلياً يمنحهم الثقة." ويوضح أن أربعين مزود خدمة أصول افتراضية مرخصون الآن في دبي بين منصات تداول ووسطاء وحافظات ومستثمرين ناشئين.
ويتابع: "يقدّر المشاركون في القطاع وضوح اللوائح الصادرة عنا، والثقة الناتجة عن الرقابة القوية، وتكافؤ الفرص الذي تتيحه الهيئة. لكن نجاح دبي لا يقتصر على التنظيم فقط، بل تضمن الشركات بيئة أعمال مرنة وبنية تحتية حديثة، وتملك كامل بنسبة 100% في العديد من المناطق الحرة، وسهولة وسرعة تأسيس الشركات، وعدم فرض ضرائب على الدخل أو أرباح رأس المال للأفراد، وضريبة شركات منخفضة غالباً ما يتم إعفاؤها للمناطق الحرة. إلى جانب ذلك، تقدم دبي أسلوب حياة لا مثيل له، وبنية تحتية عصرية، وربطاً عالمياً، ومبادرات مثل التأشيرة الذهبية لرواد التكنولوجيا".
يشدد وايت على أن دبي تتجاوز العملات الرقمية التقليدية: "لقد بدأ ذلك بالفعل، فنحن ننتقل من مرحلة التجارب إلى التنفيذ العملي". ويضرب مثالاً بشهادة ملكية العقارات المرمّزة الصادرة عن دائرة الأراضي في دبي والتي تربط رسمياً بين الأصول المرمّزة والسجل العقاري. ويقول: "أول مشروع عقاري مرمّز بالكامل وشهد إقبالاً وبيعاً كاملاً على منصة بريبكو مينت، شارك فيه أكثر من 200 مستثمر من 44 جنسية، 70% منهم يدخلون سوق العقارات في دبي لأول مرة".
كما توسّع الهيئة نطاق أعمالها لتشمل التمويل اللامركزي ومنصات الجيل الثالث المدعومة بالذكاء الاصطناعي. ويقول: "خلال هذا العام، أصبحت الهيئة من أوائل الجهات التي منحت تراخيص معينة لأنشطة تمويل لامركزي، فأصدرت ترخيصاً محدوداً يتيح تقديم خدمات التداول والوساطة والاستثمار وفق ضوابط صارمة".
ويوضح أن الإطار التجريبي يسمح باختبار المنتجات المالية الجديدة في بيئة آمنة بتقارير محسّنة وتعريض محدود للعملاء. التجارب الأخيرة مثل عقود الخيارات خارج البورصة والمشتقات للأفراد تبرز كيف تدير الهيئة الابتكار المرحلي بشكل مسؤول.
وفيما يتعلق بالحوكمة ومراقبة التكنولوجيا، يؤكد: "دليل قواعد التكنولوجيا والمعلومات لدينا يضمن توافر حوكمة قوية في الشركات — من الأمن السيبراني، وتعيين مسؤول أمن معلومات رئيسي، إلى تدقيق العقود الذكية وحماية البيانات. لسنا ننظم السوق اليومي فقط، بل نستعد للمستقبل".
تحت قيادة وايت، ترسم هيئة تنظيم الأصول الافتراضية في دبي نموذجاً يجمع بين تنظيم دافع للابتكار ومساءلة قوية، ما يجذب رؤوس الأموال العالمية ويمهد لبروز جيل جديد من الأصول الرقمية. ويختم وايت: "هدفنا النهائي واضح — أن نجعل الأصول الافتراضية محركاً حقيقياً ومتنوعاً لنمو دبي، يجذب الاستثمارات، ويوفر الوظائف، ويمكنه المنافسة عالمياً".]