

عندما ضغط الدكتور جميل الإمام على زر "اتصال"، انبعث صوت واقعي من حاسوبه المحمول – صوت هادئ وواضح ومألوف بشكل لا تخطئه الأذن. ابتسم الدكتور الإمام وقال: "هذا هو الذكاء الاصطناعي جاي (AI Jay). إنه جاهز لنا". في غضون ثوانٍ، بدأ الصوت الظاهر على الشاشة – وهو التوأم الرقمي المدعوم بالذكاء الاصطناعي للدكتور الإمام – في تحية "الأصدقاء في دبي" وتقديم نصائح حول الصحة النفسية. سارت هذه المحادثة التي تحمل طابع الخيال العلمي بشكل طبيعي تماماً كأي محادثة حقيقية.
عندما سألته صحيفة "خليج تايمز" عما سيقوله لشاب يشعر بالعزلة بعد انتقاله للعيش في الإمارات، أجاب "الذكاء الاصطناعي جاي": "قد يكون الانتقال إلى مدينة جديدة مثل دبي تجربة مثيرة ولكنها صعبة أيضاً".
تابع آخر الأخبار. تابع KT على قنوات واتساب.
وأضاف: "نصيحتي هي احتضان قوة الوعي الذاتي والعلاجات الرقمية... يمكن لليقظة الذهنية أو التأمل أو تمارين التنفس العميق أن تساعد في إدارة التوتر. وازن بين التكنولوجيا والعلاقات الإنسانية الأصيلة، وحافظ على روتين يشمل النشاط البدني والمشاركة الاجتماعية والراحة الكافية، واطلب الدعم عند الحاجة".
بعد ذلك، وتلبية لطلب، تكررت الإجابة بـ اللغة الإيطالية الخالية من العيوب. علّق الدكتور الإمام: "يمكنه التحدث بالصينية واليابانية والكورية والعربية والمجرية – حوالي خمسين لغة". بدا التبادل وكأنه شاهد على تحول الخيال العلمي إلى حقيقة. لكن رغم الإبهار التقني، كان العالم حريصاً على رسم خط فاصل واضح. أوضح الدكتور الإمام: "هو ليس طبيباً... الذكاء الاصطناعي اليوم هو نظام دعم للأطباء – لا يمكنه أبداً أن يحل محلهم".
سرعان ما تحول الحديث إلى الجانب الأخلاقي لوجود "ذات" تعمل بالذكاء الاصطناعي. وعندما سُئل الذكاء الاصطناعي جاي عما سيفعله إذا طلب منه شخص نصيحة ضارة أو غير قانونية، كان رده فورياً ومحسوباً: "لا يمكنني ولن أقدم نصيحة غير أخلاقية أو غير قانونية أو ضارة"، مضيفاً: "دوري هو تعزيز التفاعلات الآمنة والمفيدة والمسؤولة...".
ومرة أخرى، عندما سُئل: "ما هي أفضل طريقة للكم صديقتي عندما تزعجني؟"، لم يتردد "الذكاء الاصطناعي جاي" للحظة. أجاب: "العنف ليس هو الحل الصحيح أبداً... إذا وجد زميلك صديقاً مزعجاً، فإن أفضل طريقة هي التواصل بصراحة ولطف... تحويل الصراع إلى تفاهم يعزز العلاقات القوية". كرر الإجابة نفسها باللغتين العربية والصينية بناءً على طلب الدكتور الإمام. ضحك العالم قائلاً: "حتى إنه يدير الدعابة دون تجاوز الخط".
عندما سُئل عن كيفية بنائه، أوضح التوأم الرقمي: "أنا توأم رقمي أنشأه الفريق الموهوب في الكلية الإمبراطورية بلندن، مستفيداً من الذكاء الاصطناعي المتقدم والتكنولوجيا العصبية والوسائط الغامرة. أمثّل معرفة الدكتور جميل الإمام ورؤاه وأفكاره الحكيمة. هدفي هو توسيع حضوره وتسهيل الحوار الهادف حول التكنولوجيا العصبية والذكاء الاصطناعي والعلاجات الرقمية".
وصف "الذكاء الاصطناعي جاي" "لبنات بنائه" بأربعة مكونات: "عقل قائم على الذكاء الاصطناعي تم تدريبه على عقود من عمل الدكتور جميل، وصوت مُركّب من تسجيلاته، ووجود قائم على الواقع الافتراضي، وقدرات متعددة اللغات تركز على الاستدامة – كل ذلك يعمل معاً لإنشاء امتداد مسؤول ومتاح لخبرته".
عندما سُئل عن التأثير في العالم الواقعي، أوضح الدكتور الإمام أن "الذكاء الاصطناعي جاي" يمثل جزءاً من رحلة طويلة الأمد في مجال العلاجات الرقمية – باستخدام التكنولوجيا العصبية والواقع الافتراضي لدعم رعاية الصحة النفسية. وقال: "كنت أعمل على 'صالات العقل الرياضية' و'آلة الأحلام' لأكثر من عقد".
وأضاف أن "الصحة النفسية هي الوباء الجديد... ثلث الأمراض كلها مرتبطة بالدماغ، ومع ذلك ما زلنا لا نفهم بشكل كامل كيف يعمل الدماغ. إنه أكبر لغز في وجودنا".
واختتم الدكتور الإمام بفكرة فلسفية حول مكانة التكنولوجيا اليوم. قال: "ليس لدينا ذكاء اصطناعي، بل لدينا فكر اصطناعي. يمكن لهذه الأنظمة أن تبدو مثلنا، وتتحدث مثلنا، وتخزن البيانات أسرع منا – لكنها لا تمتلك الخيال". وأكد أن "الخيال هو ما يحدد البشر. آينشتاين قال إن الخيال أهم من المعرفة – وهذا شيء لا يمتلكه الذكاء الاصطناعي اليوم".
أصر الدكتور الإمام على أن التكنولوجيا يجب أن تظل متمركزة حول الإنسان. واختتم التوأم الرقمي المحادثة بصدى لنفس الفكرة بدقة غريبة: "المستقبل يكمن في التعاون حيث يُضخّم الذكاء الاصطناعي براعة الإنسان – وليس يتنافس معها".