انهيار "بتروفاك" يهز قطاع الطاقة الخليجي

تعيين إداريين وشطب الأسهم يثيران القلق بشأن عقود بمليارات الدولارات وشركات النفط تراقب التطورات بحذر
انهيار "بتروفاك" يهز قطاع الطاقة الخليجي
تاريخ النشر

لسنوات عديدة، كانت شركة «بتروفاك» من أكثر الأسماء الموثوقة في قطاع الطاقة بالخليج. فقد ساهمت مجموعة الهندسة والبناء البريطانية في إنشاء مصافٍ وأنابيب ومرافق غاز دعمت نمو المنطقة. وكانت خوذها البيضاء مشهدًا مألوفًا في مواقع المشاريع الكبرى.

إلا أن تلك السمعة باتت الآن تحت ضغط شديد.

في 27 أكتوبر، أعلنت «بتروفاك» أن مجلس إدارتها تقدم بطلب إلى المحكمة العليا في إنجلترا وويلز لتعيين إداريين لشركتها القابضة، وذلك بعدما ألغى مشغل شبكة الكهرباء الهولندية «تينيت» عقدًا رئيسيًا لمشروع طاقة رياح بحرية في هولندا. وكان المشروع البالغة قيمته ملياري يورو (7.8 مليار درهم) محورًا لخطة إعادة هيكلة ديون كانت تواجه صعوبات بالفعل.

ذكرت الشركة في بيان أنها عملية «إدارة مستهدفة» تقتصر على الكيان الأم، مؤكدة أن الشركات التابعة ستواصل العمل بينما يتم استكشاف «خيارات إعادة الهيكلة والدمج» مع المقرضين.

وجاءت الضربة الثانية في اليوم التالي، حيث تم شطب أسهم «بتروفاك» من بورصة لندن. وأكدت الشركة على موقعها الإلكتروني أن «تداول الأسهم العادية قد أُلغي» بعد تعيين الإداريين، مضيفة أن العمليات ستستمر «كالمعتاد» بدعم من الدائنين وتمديد آجال القروض.

ماذا يعني ذلك بالنسبة لبتروفاك؟

ببساطة، تخضع الشركة الأم لشركة بتروفاك الآن لإشراف قضائي، في حين تحاول التوصل إلى اتفاق مع المُقرضين. أسهمها بلا قيمة فعلية، ومستقبلها يعتمد على قدرتها على إعادة هيكلة ديونها والحفاظ على عقودها الرئيسية.

وتؤكد الشركة أن عملياتها ما زالت قائمة وأن أنشطتها الأساسية قوية. وقال متحدث باسمها: «تمتلك بتروفاك عددًا من الأعمال الأساسية القوية»، مضيفًا أن الفرق تعمل على «تقليل الاضطرابات التي قد تؤثر على العملاء والموظفين».

تأسست «بتروفاك» عام 1981 وأُدرجت في بورصة لندن عام 2005، ونمت من مقاول صغير في حقول النفط إلى أحد أبرز الأسماء في مجال الهندسة والمشتريات والبناء (EPC) لمشاريع النفط والغاز والبتروكيماويات. وتوظف الشركة نحو 7,300 شخص حول العالم.

ويرى محللون في القطاع أن انهيارها كان يتشكل منذ سنوات. ففي عام 2017، فتحت «مكتب جرائم الاحتيال الخطيرة» في المملكة المتحدة تحقيقًا في مزاعم رشوة مرتبطة بعقود في الشرق الأوسط. وبعد أربع سنوات، غرّمت الشركة مبلغ 77 مليون جنيه إسترليني (374 مليون درهم) لفشلها في منع الرشوة في مشاريع تجاوزت قيمتها 5 مليارات جنيه إسترليني (24 مليار درهم) في المنطقة.

أدى هذا الحكم إلى تعليق مشاركتها في المناقصات الجديدة لشركة «أدنوك» لمدة عام. ورُفع الحظر عام 2022، إلا أن الضرر الذي لحق بسمعتها استمر.

وقال أحد المحللين: «عندما تسارعت وتيرة التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة وارتفعت تكاليف الاقتراض، وجدت بتروفاك نفسها تتخبط بين الديون وهوامش الربح المتقلصة». وأضاف: «إلغاء عقد مزرعة الرياح الهولندية كان القشة الأخيرة، إذ قطع مصدرًا حيويًا للسيولة وأجبر الشركة على دخول إدارة قضائية».

تداعيات في أنحاء الخليج

في حين يُشعر الأثر الفوري في اسكتلندا، حيث يواجه نحو 2000 موظف في أبردين خطر فقدان وظائفهم، فإن تداعيات الأزمة تمتد إلى الشرق الأوسط، السوق الأكثر ربحية لبتروفاك على مدى عقود.

ومن خلال شركة «بتروفاك الإمارات»، ذراعها المحلية، أدارت الشركة عقودًا بمليارات الدولارات لصالح «أدنوك غاز» و«شركة نفط الكويت» وغيرها. ويقدّر خبراء الصناعة أن «بتروفاك» تحتفظ حاليًا بمشروعات نشطة تتجاوز قيمتها 5 مليارات دولار (18 مليار درهم) في دول مجلس التعاون الخليجي وشمال إفريقيا.

وفي الإمارات، تعمل الشركة على تنفيذ عدة مشاريع في البنية التحتية لقطاع الطاقة تُعد حيوية للنمو في الإنتاج وتحقيق أهداف الدولة للتحول في مجال الطاقة على المدى الطويل.

وفي الوقت الحالي، لا يزال المهندسون في مواقع العمل والعمليات مستمرة، لكن الوضع يخضع لمراقبة دقيقة. وقال أحد مستشاري شركات الهندسة والمشتريات: «لا يحب أي عميل سماع كلمة إدارة قضائية، فحتى لو كانت العمليات محصّنة قانونيًا، فإن الانطباع له تأثيره. يمكن أن يبطئ القرارات أو تمديد العقود أو منح المشاريع الجديدة».

موصى به

No stories found.
Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com