الدرهم الرقمي: الإمارات تخطو نحو قيادة التمويل العالمي بتقنية الـ"بلوك تشين"

الدرهم الرقمي: الإمارات تخطو نحو قيادة التمويل العالمي بتقنية الـ"بلوك تشين"

يمثل الدرهم الرقمي خطوة مهمة نحو تعزيز الابتكار وترسيخ مكانة الدولة كلاعب رائد في مجال التمويل الرقمي العالمي
تاريخ النشر

يقول الخبراء إن الدرهم الرقمي يمثل خطوة مهمة نحو تحديث النظام المالي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتعزيز الابتكار، ووضع الدولة كلاعب رائد في مجال التمويل الرقمي العالمي.

أكد كبار المسؤولين التنفيذيين والخبراء والمحللين والاقتصاديين أن الدرهم الرقمي سيُمكّن مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي من تعزيز رقابة سياسته النقدية، وتحسين تتبع الأنشطة غير المشروعة، مما يعزز الاستقرار المالي. ورأوا أن المشروع يتماشى مع استراتيجية الإمارات للاقتصاد الرقمي، الهادفة إلى مضاعفة مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 20% بحلول عام 2031.

الدرهم الرقمي، العملة الرقمية للمصرف المركزي لدولة الإمارات العربية المتحدة، والمقرر إطلاقها في الربع الأخير من عام 2025، على أهبة الاستعداد لإحداث نقلة نوعية في اقتصاد الدولة. فهو مبني على تقنية الـ "بلوك تشين"، ويهدف إلى تعزيز الشمول المالي، وتبسيط المدفوعات، ودعم مجتمع غير نقدي، وفقاً للخبراء.

قالوا إن ابتكارات التكنولوجيا المالية ستزدهر، مما يعزز المنتجات والخدمات المالية الجديدة. ويضع الدرهم الرقمي دولة الإمارات العربية المتحدة في صدارة دول العالم في مجال التكنولوجيا المالية، ويعزز الكفاءة والشمول والتنويع الاقتصادي. حالياً، تحمل جميع العملات العالمية الرئيسية - الدولار الأمريكي، واليورو، والين، والروبية، واليوان، والروبل - رموزها الخاصة، مما يعكس قوة بلدانها وفخرها.

أصبح مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي أول بنك مركزي في المنطقة العربية يُطلق هذه الخدمة. من خلال خفض تكاليف المعاملات وتمكين التسويات الفورية، ستُفيد هذه الخدمة المستهلكين الأفراد من خلال توفير مدفوعات أسرع وأرخص وأكثر أماناً. أما بالنسبة للشركات، وخاصةً في مجال تمويل التجارة، فستُبسط هذه الخدمة المعاملات العابرة للحدود، وهو أمر بالغ الأهمية نظراً لكثافة سكان الإمارات واقتصادها الذي يغلب عليه المغتربون.

خطوة هامة

ووصف محافظ المصرف المركزي خالد محمد بلعمة رمز العملة الجديد والإعلان عن تصميم محفظة الدرهم الرقمي بأنه يعكس التقدم الكبير في تنفيذ برنامج الدرهم الرقمي وقفزة نحو تحقيق رؤية المصرف المركزي.

من المتوقع أن يُسهم الدرهم الرقمي، كمنصة قائمة على تقنية الـ "بلوك تشين" ومزودة بإمكانيات متطورة، في تعزيز الاستقرار المالي والشمول المالي والمرونة ومكافحة الجرائم المالية بشكل كبير. كما سيُمكّن من تطوير منتجات وخدمات رقمية مبتكرة ونماذج أعمال جديدة، مع خفض التكلفة وزيادة الوصول إلى الأسواق العالمية.

صرح فيجاي فاليشا، الرئيس التنفيذي للاستثمار في سينشري فاينانشال، بأن مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي يعتزم إطلاق عملته الرقمية الخاصة هذا العام، والتي تُسمى الدرهم الرقمي. ويمثل هذا نقلة نوعية نحو الابتكار المالي والرقمنة.

وقال فاليشا لصحيفة خليج تايمز: "يتم تطوير العملة الرقمية بالشراكة مع شركتين بارزتين في مجال التكنولوجيا، وهما G42 Cloud وR3، ومن المرجح أن يتم إطلاقها في الربع الرابع من عام 2025".

كما طوّر المصرف المركزي الإماراتي رمزاً فريداً للدرهم الإماراتي بنسختيه المادية والرقمية في مارس 2025. ومن اللافت للنظر أن الدرهم الرقمي يتميز بحرف D كبير مُحاط بخطين أفقيين يمرّان في وسطه. تعكس هذه الخطوط استقرار الدرهم ومرونته. كما استُوحي تصميمه من علم الإمارات العربية المتحدة، الذي يرمز إلى الاستقرار المالي والنقدي. ولذلك، يحمل الدرهم ألوان علم الإمارات، مُعززاً هويته الوطنية.

سيدعم الدرهم الرقمي مدفوعات التجزئة والجملة والمدفوعات العابرة للحدود، مستفيداً من تقنيات الـ "بلوك تشين" والعقود الذكية والرمزية لتعزيز الكفاءة والشفافية. ويدعمه إطار قانوني متين، وسيتم توزيعه من خلال البنوك المرخصة وشركات التكنولوجيا المالية لضمان انتشاره وإمكانية الوصول إليه على نطاق واسع.

كما ستُسهّل هذه التقنية المعاملات منخفضة التكلفة من خلال تقليل عدد الوسطاء المشاركين في المدفوعات عبر الحدود وتقصير أوقات التسوية. وسيساهم التكامل السلس مع أنظمة العملات الرقمية للبنوك المركزية العالمية، والدفاعات الكافية ضد مخاطر الأمن السيبراني، في نجاح اعتمادها.

البنية التحتية الرقمية المتقدمة

وقال حسن فواز، رئيس مجلس الإدارة ومؤسس شركة جيف تريد، إن إدخال الإمارات العربية المتحدة لرموز الدرهم الجديدة والأشكال الرقمية يمثل خطوة نحو تحديث نظامها النقدي وهو جزء من برنامج التحول في البنية التحتية المالية في الإمارات العربية المتحدة.

وقال إن الرموز الجديدة تعكس تطلعات دولة الإمارات العربية المتحدة نحو التحول إلى عملة عالمية، مدعومة بمكانتها الاقتصادية القوية مع مستويات تجارية قياسية بلغت 800 مليار دولار.

وقال سامر حسن، كبير محللي السوق لدى XS.com، إن الرموز الجديدة تعكس التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بتعزيز مكانتها كمركز مالي عالمي.

قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحيم الفرحان إن دولة الإمارات العربية المتحدة أصبحت من أكثر الدول تقدماً في المجال الرقمي في منطقة الشرق الأوسط عموماً ودول الخليج خصوصاً. وأضاف: "تسير دولة الإمارات حالياً في طريقها لتصبح مركزاً عالمياً للتكنولوجيا الرقمية والبلوك تشين، بفضل سياساتها التنظيمية المرنة، وبنيتها التحتية الرقمية المتطورة، واستثمارات الشركات العالمية الضخمة، مما يجعلها وجهة رئيسية للعملات المشفرة".

الدرهم الرقمي سيفيد الاقتصاد

قال فاليشا إن إطلاق الدرهم الرقمي في دولة الإمارات العربية المتحدة يُحقق فوائد جمة للاقتصاد الوطني والقطاع المالي على حد سواء. وهو جزء من برنامج التحول الشامل للبنية التحتية المالية في الدولة، والذي يهدف إلى تسريع الابتكار الرقمي في الخدمات المالية.

بالنسبة لاقتصاد الإمارات العربية المتحدة الأوسع، قال إن الدرهم الرقمي قادر على دعم التحول نحو مجتمع خالٍ من النقد. فمن خلال تعزيز المدفوعات الرقمية، سيقلل الدرهم من الحاجة إلى النقد التقليدي، مما يجعل المعاملات أسرع وأكثر كفاءة.

كما أطلق المصرف المركزي الإماراتي محفظة الدرهم الرقمي، وهي نظام آمن ومتكامل للشركات والأفراد لإصدار العملة الرقمية وإدارتها واستخدامها. وسيتيح ذلك معاملات أكثر أماناً وخصوصية، مما يعزز الثقة ويحد من مخاطر الاحتيال أو سوء الاستخدام.

علاوةً على ذلك، ستنخفض تكلفة المدفوعات والتحويلات المالية، إذ يمكن للعملات الرقمية العمل دون الحاجة إلى وسطاء، كالبنوك وشركات تحويل الأموال. كما يدعم الدرهم الرقمي تطوير منتجات وخدمات مالية جديدة، ما يشجع الابتكار وريادة الأعمال في الاقتصاد الرقمي المتنامي لدولة الإمارات العربية المتحدة.

بالنسبة للقطاع المالي، يمكن استخدام الدرهم الرقمي مع العقود الذكية لتنفيذ الصفقات أو الشروط المعقدة بشكل تلقائي، بما في ذلك الاتفاقيات متعددة الأطراف أو متعددة الخطوات.

علاوةً على ذلك، يدعم الدرهم الرقمي المدفوعات العابرة للحدود، مما يُحسّن التجارة الدولية وتدفقات رأس المال إلى الدولة. كما يُتيح الترميز والملكية الجزئية للأصول، مما يُعزز الوصول إلى السيولة والمشاركة في النظام المالي.

بشكل عام، قد يُسهم الدرهم الرقمي في جعل النظام المالي الإماراتي أكثر أماناً وانسيابيةً. ومن المتوقع أيضاً أن يدعم أنواعاً جديدة من الشركات، ويُسهّل التواصل مع الأسواق العالمية، مع خفض التكاليف، وإتاحة الخدمات المالية لمزيد من الأفراد والشركات، وفقاً لفاليشا.

تسريع مشروع العملة الرقمية

قال فيجاي فاليشا، الرئيس التنفيذي للاستثمار في سينشري فاينانشال، إن الدرهم الرقمي من شأنه أن يعزز بشكل كبير جهود العملة الرقمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، كما أشار مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي.

تماشياً مع برنامج التحول الشامل للبنية التحتية المالية الذي انطلق عام 2023، يُطلق مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي الدرهم الرقمي تدريجياً. وستكون هذه العملة الرقمية، المُعترف بها كطريقة دفع عالمية بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم (54) لسنة 2023، قابلة للاستخدام عبر جميع منصات وقنوات الدفع، إلى جانب العملات التقليدية.

ويقدم الدرهم الرقمي فوائد وميزات هامة تعزز التنمية والابتكار، مثل:

الرمزية: يسهل الدرهم الرقمي عملية الرمزية، وبالتالي تعزيز الشمول المالي والكفاءة مع توسيع نطاق الوصول إلى السيولة في نفس الوقت من خلال تجزئة الأصول الرقمية.

العقود الذكية: يستخدم الدرهم الرقمي العقود الذكية لأتمتة تنفيذ المعاملات المعقدة، وضمان تسويتها الفورية. ويشمل ذلك التعامل مع المعاملات متعددة المراحل والأطراف التي تتطلب شروطاً أو التزامات محددة.

الأهداف الرئيسية للدرهم الرقمي هي:

تعزيز المدفوعات المحلية والعابرة للحدود: يهدف الدرهم الرقمي إلى تعزيز كفاءة أنظمة الدفع المحلية والعابرة للحدود، وأمنها، وفعاليتها من حيث التكلفة. كما يُعد الدرهم الرقمي جزءاً من تعاونات دولية، مثل مشروع mBridge، الذي يستكشف استخدام العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs) في مدفوعات عبر الحدود تتسم بالكفاءة والأمان.

دعم الاقتصاد الرقمي: تتوافق هذه المبادرة مع استراتيجية التحول الرقمي الشاملة لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تسعى إلى تعزيز اقتصاد رقمي قوي من خلال دمج التقنيات المالية المبتكرة.

تعزيز الشمول المالي: يسعى إلى تقديم خدمات مالية يمكن الوصول إليها للمجتمعات غير المصرفية أو التي لا تحصل على الخدمات المصرفية بشكل كافٍ، وتعزيز المشاركة الاقتصادية المتزايدة بين جميع الشرائح الاجتماعية.

اقرأ أيضاً:

Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com