البنك الدولي: الإمارات تتصدر النمو الاقتصادي خليجياً

الصراع في الشرق الأوسط يلقي بظلاله على آفاق الاقتصاد الخليجي، وقد تمتد تداعياته إلى ما هو أبعد من قطاع الطاقة
البنك الدولي: الإمارات تتصدر النمو الاقتصادي خليجياً
تاريخ النشر

حذّر البنك الدولي من أن تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل يُشكّل تهديداً خطيراً للاستقرار الاقتصادي في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، مما قد يُقوّض آفاق النمو ويُفاقم حالة عدم اليقين العالمي. وبينما لا يزال من الصعب تحديد الأثر الاقتصادي المباشر للصراع، يُحذّر البنك من أن تداعياته قد تتجاوز أسواق الطاقة بكثير، مُؤثّرةً على التجارة والتضخم ومعنويات المستثمرين والاستقرار المالي.

وسلّطت "صفاء الطيب الكوجلي"، المديرة الإقليمية للبنك الدولي لدول مجلس التعاون الخليجي، الضوء على المخاطر خلال إصدار البنك لأحدث تحديث اقتصادي للخليج. وأشارت إلى أن المنطقة لا تزال عُرضةً بشكل خاص للصدمات الجيوسياسية، نظراً لأهميتها المحورية في أسواق النفط العالمية وطرق الشحن. وقالت: "أي صراع، وخاصة في هذه المنطقة، قد يُخلّف آثاراً سلبية طويلة الأمد"، مُشيرةً إلى ارتفاع تكاليف الشحن، وزيادة الضغوط التضخمية، وتزايد حذر المستثمرين كعواقب محتملة.

قالت "الكوجلي": "إن الصراع بين إيران وإسرائيل يُضيف مستوى جديداً من عدم اليقين إلى الاقتصاد العالمي. في ظل هذه الظروف المتقلبة، يميل المستثمرون إلى الانتظار والترقب، مُؤجلين قراراتهم حتى عودة الوضوح والاستقرار".

وحتى مع استعداد المنطقة لصدمات خارجية محتملة، أقرّ البنك الدولي بمرونة اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تُعزى بشكل كبير إلى جهود التنويع الاقتصادي المستدامة. في عام 2024، نما الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بنسبة 1.8%، وهو تحسن ملحوظ مقارنةً بـ 0.3% في عام 2023. وقد دُفع هذا التعافي بتوسع قوي بنسبة 3.7% في القطاعات غير النفطية، مما ساعد على تعويض انكماش إنتاج النفط بنسبة 3% نتيجة تخفيضات إنتاج "أوبك+".

في المستقبل، يتوقع البنك الدولي انتعاش النمو الإقليمي إلى 3.2% في عام 2025، وتسارعه إلى 4.5% بحلول عام 2026، مدعوماً بالتخفيف التدريجي لقيود إنتاج النفط واستمرار الزخم في القطاعات غير النفطية. ومن المتوقع أن تكون الإمارات العربية المتحدة من بين أقوى الاقتصاديات أداءً، حيث سيصل النمو إلى 4.6% في عام 2025، ويستقر عند 4.9% حتى عام 2027. ومن المتوقع أن يُعزى ذلك إلى الاستثمارات العامة المُستهدفة، وتحسينات الحوكمة، وتوسيع الشراكات الدولية، إلى جانب عودة مستويات إنتاج النفط إلى وضعها الطبيعي.

ومع ذلك، لا تزال التوقعات مرهونة بشكل كبير بالتطورات الجيوسياسية والبيئة الاقتصادية العالمية الأوسع. وحذرت "الكوجلي" من أن "عدم اليقين التجاري العالمي، وضعف الطلب من الشركاء التجاريين الرئيسيين، والتقلبات المستمرة في أسواق النفط قد تُقوّض توقعات النمو". وحثّت صانعي السياسات على تسريع الإصلاحات الهيكلية، وتعميق التجارة البينية، وتقليل الاعتماد على الهيدروكربونات لتعزيز مرونة الاقتصاد.

ويُشدد تقرير البنك الدولي، "إنفاق ذكي، نتائج أقوى: سياسة مالية من أجل ازدهار دول مجلس التعاون الخليجي"، على ضرورة إدارة مالية أذكى في ظل التقلبات المستمرة في أسعار النفط وتزايد ضغوط الإنفاق. ومن المتوقع أن تواجه بعض اقتصادات دول الخليج عجزاً مالياً متزايداً في عام 2025، مما يُبرز الحاجة المُلِحّة لإصلاح المالية العامة. ويخلص التقرير إلى أن السياسة المالية لعبت دوراً مُثبِّطاً خلال فترات الركود الاقتصادي، حيث عززت زيادة الإنفاق العام بمقدار وحدة واحدة الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بما يصل إلى 0.45 وحدة.

مع ذلك، لا يزال تأثير الاستثمار العام على الإنتاجية طويلة الأجل والناتج المحتمل محدوداً. ويقدر البنك الدولي أن زيادةً لمرة واحدة في الاستثمار الحكومي بمقدار نقطة مئوية واحدة لا تُحقق سوى زيادة بنسبة 0.07% في الناتج المحتمل غير النفطي، مما يُشير إلى ضرورة إعادة تقييم كيفية تخصيص الموارد المالية.

ولمعالجة المخاطر قصيرة وطويلة الأجل، أوصت "الكوجلي" باتباع نهج متعدد الجوانب يشمل التنويع المالي، والإصلاح الضريبي، وتعزيز التكامل التجاري الإقليمي. وقالت: "يعتمد استدامة النمو على قدرتنا على تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وخلق وظائف عالية الجودة للشباب، وتحفيز الابتكار وريادة الأعمال". كما أشارت إلى الحاجة إلى سياسات نمو شاملة تدعم الاستهلاك المحلي، وتعزز الصادرات، وتجذب استثمارات مستقرة.

ومع تزايد شبح الصراع وتزايد الرياح الاقتصادية المعاكسة على الصعيد العالمي، فإن رسالة البنك الدولي إلى اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي واضحة: الآن هو الوقت المناسب لتسريع الإصلاح، قبل أن تؤدي التقلبات إلى تقويض سنوات من التقدم الذي تحقق بشق الأنفس.

موصى به

No stories found.
Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com