"الإمارات ترسم مستقبل العمل الهجين: مرونة مقصودة وابتكار يعزز الإنتاجية والاستدامة

نظرة على كيفية إعادة تعريف المرونة من خلال التصميم القائم على الغرض من قبل شركتي"اتصالات" و "دو"
"الإمارات ترسم مستقبل العمل الهجين: مرونة مقصودة وابتكار يعزز الإنتاجية والاستدامة
تاريخ النشر

في أعقاب الجائحة العالمية، وبينما لا تزال المؤسسات حول العالم تخوض غمار نقاش "العودة إلى المكاتب"، تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل منهجي على صياغة نموذج عمل هجين يكسر القواعد التقليدية. فبدلاً من الاكتفاء بالفصل الصارم بين العمل عن بُعد والعمل المكتبي، يُركز نهج الدولة على المرونة والقدرة على التكيف والتكامل التكنولوجي السلس.

في حين اكتسبت نماذج العمل الهجينة زخماً في مختلف القطاعات في دولة الإمارات العربية المتحدة، يُقدم قطاع الاتصالات منظوراً مُقنعاً لدراسة هذه الثقافة المتطورة. وتواجه شركات مثل اتصالات و دو هذا التحول بأساليب تعكس القدرات التكنولوجية وفهماً لديناميكيات القوى العاملة المتغيرة.

وفي أثناء الحديث مع BTR ، سلطت استراتيجياتهم الضوء على كيفية تشغيل العمل الهجين داخل قطاع يقع عند مفترق طرق الاتصال والابتكار والتنمية الوطنية.

إلى جانب المرونة والإنتاجية، تُقدم نماذج العمل الهجينة فوائد بيئية واجتماعية ملموسة. فانخفاض زمن التنقل يعني انخفاضاً في انبعاثات الكربون، مما يُساعد المدن على الاقتراب من أهداف الاستدامة. كما يُمكن تقليص بصمة المكاتب، مما يُؤدي إلى انخفاض استهلاك الطاقة وزيادة كفاءة استخدام الموارد. بالنسبة للموظفين، يُعزز هذا النموذج توازناً أفضل بين العمل والحياة الشخصية، ويُعزز الصحة النفسية، بينما يُعزز لأصحاب العمل قوة عاملة أكثر مرونة وشمولية. ومع تقدم دولة الإمارات العربية المتحدة في أجندتها للاستدامة، يبرز العمل الهجين كمكسب اقتصادي وبيئي.

لا يقتصر الأمر على التنقل بين المنزل والمكتب فحسب، بل يتعلق أيضاً بالمرونة المتعمدة. نشهد في مختلف القطاعات تحولاً من الجداول الزمنية الصارمة إلى روتينات مرنة مصممة لتحقيق التوازن بين الإنتاجية والرفاهية والتعاون. يتميز هذا النهج بطابعه المحلي الفريد، إذ يتشكل من خلال الأجندة الرقمية الطموحة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وقواها العاملة متعددة الثقافات، وتركيزها الثقافي العميق على المجتمع. إنه ليس مجرد نهج هجين؛ بل شامل.

اتصالات: التصميم الهادف، والقيادة بالتعاطف

في شركة اتصالات، نموذج العمل الهجين ليس وليد الصدفة ولا تفاعلياً. ووفقاً لعلي المنصوري، الرئيس التنفيذي لشؤون الموظفين في المجموعة، فإن أسلوب العمل الجديد هذا "تصميمٌ مُتعمّدٌ لم يُشكّله فقط ما تعلمناه خلال الجائحة، بل نتاج التزامٍ أعمق تجاه موظفينا وكوكبنا وهدفنا".

وقال "منذ إطلاق ثقافتنا الواحدة، قمنا بإعادة التفكير في كيفية دعم موظفينا في كل مرحلة من مراحل الحياة، سواء من خلال سياسات أبوية أكثر مرونة وشاملة، أو دعم تعليمي معزز للأطفال من ذوي الهمم، أو تحديثات ذات مغزى لسياسات الإجازات لدينا".

يؤكد المنصوري قائلاً: "هذا ليس ترتيباً مؤقتاً، بل هو نهجٌ مُصمَّم بعناية، يدعم المرونة ويحافظ على تواصلنا وتعاوننا".

لا يقتصر نجاح هيكل اتصالات الهجين على سياساته فحسب، بل يمتد أيضاً إلى بنيته التحتية القوية. ومن أبرزها اعتمادها لـ Oracle Cloud Infrastructure - Dedicated Region (OCI-DR). وبصفتها أول شركة في الإمارات العربية المتحدة تُطلق Oracle Fusion Human Capital Management على DRCC، قامت e& برقمنة تجربة الموظفين وتخصيصها على نطاق واسع.

النتيجة؟ ثقافة لا تكون فيها المرونة عدواً للأداء، بل عاملاً مساعداً له.

دو: هجين من حيث التصميم، مرن بالضرورة

بينما صُمم نموذج اتصالات بنية طويلة الأمد، يمزج دو بين القصدية والقدرة على التكيف. بالنسبة لفاطمة العفيفي، الرئيس التنفيذي للموارد البشرية والتأثير (بالوكالة)، يتشكل نهج الشركة بفعل حقائق ما بعد جائحة كوفيد-19 ورؤية مستقبلية.

يبدو أن نموذج العمل الهجين الذي تتبناه دو يجمع بين التصميم المتعمد والتكيف المرن. فهو يستفيد من ثقافة العمل الهجين الناشئة في الإمارات العربية المتحدة، والتي تتميز بروتينات غير رسمية تتشكل من الثقة والنتائج.

وتستفيد الشركة من ثقافة العمل الهجينة الناشئة في دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تتميز بالروتين غير الرسمي والتكيفي الذي يتشكل من الثقة والنتائج. وتتماشى جهود دو مع تعزيز إنتاجية الموظفين ومشاركتهم مع تبني الرؤية الأوسع لتحديث مكان العمل.

يُجسّد مقرّ دو العصري في دبي هيلز، المصمم لتعزيز الابتكار والتعاون، جوهر هذا التوازن. ولكن حتى خارج نطاق المساحة المادية، تكمن قوة دو الحقيقية في استثمارها في الكوادر البشرية. سواءً من خلال برنامج هارفارد لتوجيه المدراء، أو التدريب المعتمد من هواوي، أو مبادراتها "فيوتشر إكس" و"المواهب الرقمية"، تُركّز دو بشكل كبير على تزويد موظفيها بمهارات المستقبل. كما وفرّ برنامج المواهب الرقمية للشركة مساراتٍ للموظفين لمواءمة نموّهم الشخصي مع احتياجات السوق، مما رسّخ مكانة دو كركيزة أساسية في رؤية الاقتصاد الرقمي لدولة الإمارات العربية المتحدة.

التمكين بالتكنولوجيا، والقيادة بالثقافة

إذا كان هناك استنتاج واضح من كلتا الشركتين، فهو هذا: العمل الهجين لا ينجح بدون مزيج قوي من التكنولوجيا والثقة.

في اتصالات، يتجسد هذا التآزر في أداة "e& Assistant" المدعومة بتقنية GenAI، وهي أداة مدمجة من مايكروسوفت تيمز تساعد الموظفين على تصفح الأنظمة، وإنجاز المهام، والعثور على المعلومات؛ كل ذلك دون تعقيد سير عملهم. وبفضل أكاديمية الذكاء الاصطناعي الداخلية وبرنامج خريجي الذكاء الاصطناعي المتين، تعمل e& بنشاط على إعداد قواها العاملة لمستقبل أكثر ذكاءً وتمكيناً من خلال التكنولوجيا.

وهذا المستقبل شاملٌ للغاية. تقول المنصوري: "في عام 2024، ستُشكّل النساء 62٪ من خريجي الذكاء الاصطناعي في شركة اتصالات، مع تزايد عدد المشاركات الإماراتيات. وهذا ليس مجرد مُمَكِّنٍ للإنتاجية، بل هو انعكاسٌ لقيمنا، والتنوع بين الجنسين، وتنمية الشباب، والتقدم الوطني".

تعكس دو هذا الالتزام بالمشاركة والمساواة. يُسهم سفراء المشاركة، وبرامج التقدير، وحلقات التقييم الشفافة، التي تُقاس من خلال منصة مايكروسوفت فيفا غلينت، في الحفاظ على التماسك في بيئة العمل عن بُعد وفي المكاتب. في الواقع، تُصنّف درجات مشاركة دو ضمن أفضل 10% من الشركات حول العالم، وضمن أفضل 25% في قطاع التكنولوجيا العالمي.

ما ينشأ في الإمارات العربية المتحدة ليس مجرد نسخ طبق الأصل من وادي السيليكون أو اتجاهات العمل عن بُعد الأوروبية. إنه شيء أصيل: ثقافة عمل هجينة مستوحاة من القيم الإقليمية، مدعومة ببنية تحتية عالمية المستوى، وتقودها شركات تؤمن بالنمو الهادف. يدرك هذا النموذج أن العمل الهجين لا يتعلق بمكان حدوثه، بل بكيفية حدوثه وأسبابه. فهو يمزج المرونة بالمساءلة، والاستقلالية بالتوافق، والابتكار بالتعاطف.

في عالم مليء بالتناقضات حيث تفرض بعض الشركات شروطاً صارمة لعودة الموظفين إلى مكاتبهم بينما تتحول شركات أخرى إلى العمل عن بعد بالكامل، تسلك دولة الإمارات العربية المتحدة مساراً ثالثاً بهدوء وثقة ونجاح.

فلادجرين
فلادجرين

من السياسة إلى الممارسة

بالطبع، يصاحب العمل الهجين تحدياته الخاصة. فتوسيع نطاق الروتينات المرنة عبر الأقسام، وضمان التوافق الثقافي، والحفاظ على المساواة بين مختلف أنماط العمل، كلها مهام معقدة. لكن كلاً من اتصالات و دو يُظهران إمكانية تحقيق ذلك بالوضوح والاستثمار والتعاطف.

بالنسبة لصانعي السياسات وقادة الأعمال، يُقدّم نهج الإمارات العربية المتحدة دروساً قيّمةً. فهو يُظهر أن النموذج الهجين ليس مسألة تقنية أو توجهاً خاصاً بالموارد البشرية؛ بل هو قصة إنسانية. قصة تتعلق بإعادة التفكير في الثقة والاستقلالية والهدف في مكان العمل.

بينما تناقش حكومات العالم مستقبل العمل ، بنت الإمارات العربية المتحدة نموذجاً خاصاً بها بهدوء. ولعلّ الوقت قد حان ليبدأ بقية العالم بالاهتمام.

مع استمرار تطور طبيعة العمل، تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة بهدوء على صياغة نموذج من العمل الهجين يعكس طابعها الاجتماعي والتكنولوجي والمؤسسي الفريد. في قطاع الاتصالات، حيث تُعد المرونة والابتكار أمراُ بالغ الأهمية، لا تكتفي شركات مثل إتصالات و دو بالتكيف، بل تُعيد تعريف كيفية ومكان إنجاز العمل بنشاط. تُوضح تجاربها أن النماذج الهجينة، عندما ترتكز على الثقة والمرونة والتكنولوجيا الهادفة، يمكن أن تكون قابلة للتطوير ومستدامة. وبينما تسعى قطاعات أخرى إلى تحسين مناهجها الخاصة، تُقدم مسيرة قطاع الاتصالات دروساً قيّمة في بناء أماكن عمل مرنة وجاهزة للمستقبل في منطقة تشهد تحولاً سريعاً.

نظرة سريعة - العوامل الرئيسية المحفزة للعمل الهجين

التصميم الذي يركز على الإنسان: تولي كل من شركة اتصالات و دو الأولوية لرفاهية الموظفين والمرونة والسياسات الخاصة بمرحلة الحياة.

البنية التحتية المتقدمة: تستفيد شركة اتصالات من البنية التحتية السحابية من Oracle وأدوات GenAI، بينما تستخدم شركة دو مساحات عمل مستدامة مثل المقر الرئيسي في دبي هيلز.

التعلم الجاهز للمستقبل: من أكاديميات الذكاء الاصطناعي إلى دورات Harvard Manager Mentor، يعد التعلم المستمر أمراً أساسياً للنجاح الهجين.

الثقة والشفافية: تعمل استطلاعات المشاركة، واجتماعات القيادة، وأنظمة التغذية الراجعة المفتوحة على دعم تماسك مكان العمل.

الإدماج والتنوع: مع المبادرات التي تشجع المواهب الإماراتية والنساء في مجال التكنولوجيا، يتم استخدام العمل الهجين لتضييق فجوات المساواة - وليس توسيعها.

اقرأ أيضاً:

موصى به

No stories found.
Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com