
برزت دولة الإمارات العربية المتحدة كواحدة من أكثر دول العالم من حيث عدد الحسابات المصرفية، وذلك على خلفية الارتفاع الملحوظ في ملكية الحسابات المصرفية، وفقاً لمسح مستقل جديد.
وكشفت دراسة "يوجوف" (YouGov)، التي أجرتها منصة دليل للخدمات المالية الشخصية، أن 94% من سكان الإمارات يمتلكون الآن حسابات مصرفية شخصية، بزيادة ملحوظة عن 85% في عام 2021، وفقاً لقاعدة بيانات "فيندكس" العالمية للبنك الدولي. وهذا يضع الإمارات العربية المتحدة بين أكثر دول العالم استخداماً للخدمات المصرفية، متفوقةً على الولايات المتحدة، ويعكس نجاح استراتيجيات الشمول المالي الطموحة التي تنتهجها الإمارات في إطار رؤية "نحن الإمارات 2031" واستراتيجية الإمارات للاقتصاد الرقمي.
ويسلط استطلاع "يوجوف"، الذي استكشف كيفية تفاعل سكان دولة الإمارات العربية المتحدة مع الخدمات المالية، من البحث عن المنتجات إلى الثقة في أدواتهم المالية، الضوءَ على التقدم والتحديات في المشهد المالي في الدولة.
وقال "بي كي شريفاستافا"، الرئيس التنفيذي لشركة "دليل": "إنّ امتلاك الحسابات المصرفية في دولة الإمارات العربية المتحدة، على نطاق شبه عالمي، دليل على سياساتها الطموحة. ومع ذلك، هناك فرصة سانحة لتقديم منتجات مالية أكثر تخصيصاً، لتجاوز نموذج "الحل الواحد الذي يناسب الجميع".
يتماشى ارتفاع عدد الحسابات المصرفية في دولة الإمارات مع أهدافها الاستراتيجية لتعزيز التحول الرقمي والشمول المالي. ووفقاً لمصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، ارتفع إجمالي الودائع المصرفية بنسبة 1.2%، من 2,840.7 مليار درهم في يناير 2025 إلى 2,874.6 مليار درهم في فبراير 2025. ويعزى هذا النمو إلى زيادة بنسبة 0.8% في ودائع المقيمين، لتصل إلى 2,625.5 مليار درهم، وزيادة بنسبة 5.1% في ودائع غير المقيمين، لتصل إلى 249.1 مليار درهم.
وضمن ودائع المقيمين، شهدت الكيانات المرتبطة بالحكومة ارتفاعاً بنسبة 3.8%، وزادت ودائع القطاع الخاص بنسبة 1.4%، وسجلت المؤسسات المالية غير المصرفية ارتفاعاً بنسبة 5.6%، رغم انخفاض ودائع القطاع الحكومي بنسبة 4.0%. تؤكد هذه الأرقام متانة النظام المالي في دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم من مبادرات مثل إطار الشمول المالي الذي أطلقه مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، والذي يعزز الخدمات المصرفية المتاحة للجميع. كما لعبت البنية التحتية للخدمات المصرفية الرقمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، بما في ذلك تطبيقات الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول وابتكارات التكنولوجيا المالية، دوراً محورياً في توسيع نطاق الوصول إلى الخدمات، لا سيما للفئات المحرومة.
رغم ارتفاع نسبة امتلاك الحسابات، يكشف الاستطلاع عن فجوة ثقة كبيرة في المنتجات المالية. فبينما يثق ثلثا أصحاب الحسابات بحساباتهم الجارية، يفتقر 76% منهم إلى الثقة في منتج مالي واحد على الأقل يستخدمونه. وتحديداً، يشك 65% من حاملي الرهن العقاري في امتلاكهم الخطة الأمثل، ويشكك 62% في قروضهم الشخصية أو قروض السيارات، ويشعر 50% بعدم اليقين بشأن خيارات بطاقات الائتمان. وينبع هذا الغموض غالباً من تعقيد المنتجات، وغموض الشروط، ونقص توعية المستهلك.
أظهرت الدراسة أيضاً اتجاهات سلوكية. فالنساء أكثر عرضة بمرتين من الرجال لمراجعة منتجاتهن المالية بشكل دوري، مما يعكس حرصاً أكبر على البحث عن خيارات أفضل. في الوقت نفسه، يُراجع 90% من المشاركين المنتجات أو يغيرونها بانتظام، مع إعطاء الكثيرين الأولويةَ للحلول المُصممة خصيصاً. ويُعتبر المواطنون الإماراتيون الأكثر استباقية، حيث يُعيد 80% منهم تقييم محافظهم المالية سنوياً.
وتشير النتائج إلى تزايد الطلب على الشفافية والتخصيص في القطاع المالي في دولة الإمارات العربية المتحدة. وصرح "رضا شاه"، الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة "دليل": "يحتاج المستهلكون إلى معلومات واضحة وسلسة لاتخاذ قرارات مدروسة. في عام 2025، نتوقع أن يُولي القطاع المالي في دولة الإمارات العربية المتحدة الأولوية للشفافية والتخصيص، مما يُمكّن السكان من اختيار المنتجات التي تُلبي احتياجاتهم".
يستجيب قطاع التكنولوجيا المالية في الإمارات العربية المتحدة لهذا الطلب. تستفيد منصات مثل شركة "دليل" من تحليلات البيانات لتقديم توصيات مُخصصة بالمنتجات، بينما تستثمر البنوك في واجهات رقمية سهلة الاستخدام. وتدعم لوائح حماية المستهلك الصادرة عن المصرف المركزي الإماراتي لعام 2024 هذا التحول من خلال إلزامها بالإفصاحات الواضحة والممارسات العادلة.
وقال محللون في القطاع المصرفي إن امتلاك الحسابات المصرفية في الإمارات العربية المتحدة، على نطاق شبه شامل، يُمثل إنجازاً بارزاً في مسيرتها نحو الشمول المالي، مدفوعةً برؤية استراتيجية وابتكار رقمي. ومع ذلك، فإن معالجة فجوة الثقة في المنتجات المالية أمرٌ بالغ الأهمية لاستدامة هذا التقدم.
وقالوا إنه من خلال إعطاء الأولوية للشفافية وتبسيط عروض المنتجات والاستفادة من التكنولوجيا المالية، يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة تمكين المقيمين من اتخاذ قرارات مالية أكثر ذكاءً، وتعزيز مكانتها كرائد عالمي في مجال الخدمات المالية.