الأسهم والنفط: مكاسب دول الخليج وسط تصاعد التوترات

على الرغم من ارتفاع الأسهم الإقليمية، إلا أن الأسواق العالمية كانت متوترة
الأسهم والنفط: مكاسب دول الخليج وسط تصاعد التوترات
تاريخ النشر

ارتفعت أسواق الأسهم الخليجية يوم الاثنين مع ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في خمسة أشهر، مدفوعةً بتصاعد التوترات الجيوسياسية عقب الضربات الأمريكية على المواقع النووية الإيرانية. وتزايد قلق المستثمرين إزاء احتمال رد إيراني، لا سيما في ظل تزايد المخاوف من محاولة طهران تعطيل أو إغلاق مضيق "هرمز" الحيوي، الذي يمر عبره أكثر من 20% من إمدادات النفط العالمية.

وارتفع سعر "خام برنت" ارتفاعاً حاداً في أعقاب الهجوم الأمريكي، الذي مثّل تصعيداً حاداً في الصراع الدائر في الشرق الأوسط. هذا الارتفاع في أسعار النفط، الذي عزز اقتصادات الدول المُصدّرة للطاقة في الخليج العربي، أعاد إثارة المخاوف العالمية بشأن التضخم، وهشاشة سلاسل التوريد، ومخاطر الركود التضخمي. إلا أن المكاسب تبددت في وقت لاحق من اليوم. حوالي الساعة 7 مساءً بتوقيت الإمارات، انخفض "خام برنت" بنسبة 0.93% ليصل إلى 76.29 دولاراً أمريكياً، بينما انخفض خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.99% ليصل إلى 73.11 دولاراً أمريكياً.

بينما تبنى المستثمرون في الأسواق العالمية موقفاً حذراً، كان رد فعل أسواق الأسهم الخليجية أكثر تفاؤلاً. ارتفع المؤشر الرئيسي للسوق السعودية بنسبة 0.7%، مدعوماً بمكاسب أسهم مصرف الراجحي وشركة التعدين العربية السعودية. وارتفع مؤشر دبي الرئيسي بنسبة 1%، مع ارتفاع سهم شركة التطوير العقاري الرائدة "إعمار" العقارية بنسبة 2.4%، وسهم بنك دبي الإسلامي بنسبة 1.7%.

وعزا المحللون هذا التفاؤل النسبي إلى تكهنات بأن التدخل الأمريكي المباشر قد يضغط على إيران للتوصل إلى حل دبلوماسي. وصرح "هاني أبو عاقلة"، كبير محللي السوق في "إكس تي بي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" (XTB MENA)، قائلاً: "تحاول الأسواق الإقليمية تقييم المخاطر والفرص الناجمة عن التصعيد. ويراهن بعض المستثمرين على أن الأزمة قد تجبر الأطراف المعنية على العودة إلى طاولة المفاوضات".

ورغم ارتفاع أسعار الأسهم الإقليمية، ساد التوتر الأسواق العالمية. وانخفضت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية بشكل طفيف يوم الاثنين. وتراجعت العقود الآجلة المرتبطة بمؤشر "داو جونز" الصناعي بمقدار 114 نقطة، أي بنسبة 0.2%، بينما انخفضت العقود الآجلة لمؤشري "ستاندرد آند بورز" 500 و"ناسداك" 100 بنسبة 0.2%. وفي الأسبوع الماضي، سجل مؤشر "ستاندرد آند بورز" 500 خسارة بنسبة 0.15%، مسجلاً بذلك ثاني انخفاض أسبوعي له على التوالي.

قال "جوش جيلبرت"، محلل السوق في "إيتورو" (eToro)، إن المستثمرين يستقبلون الأسبوع بحذر متزايد. وأشار إلى أن الأسواق تشهد هروباً تقليدياً نحو الأمان، مع انخفاض عقود الأسهم الآجلة، وتراجع سعر البيتكوين إلى ما دون 100,000 دولار أمريكي، وارتفاع أسعار الذهب والنفط. وأضاف "جيلبرت": "إلى أن نشهد بوادر تهدئة، سيستمر هذا التمركز الدفاعي. هذا النوع من عدم اليقين الجيوسياسي أصبح جزءاً من الوضع الطبيعي الجديد".

وأكد أن عامل الخطر الرئيسي يبقى مضيق "هرمز". حيث قال "جيلبرت": "أي تعطل في هذا الشريان الحيوي قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط على المدى القصير"، مضيفاً أنه في حين أن الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج العربية الأخرى المصدرة للنفط قد تستفيد من ارتفاع أسعار النفط الخام، إلا أن تقلبات السوق الأوسع والضغوط التضخمية ستؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي.

أعرب "تافيس ماكورت"، المحلل في "ريموند جيمس"، عن هذا الرأي، محذراً من أن التصعيد سيؤدي على الأرجح إلى ارتفاع قصير الأجل في أسعار النفط وأسعار الفائدة والدولار الأمريكي، مما يُغذي المخاوف من الركود التضخمي. وكتب في مذكرة: "في المقابل، قد تُنعش بوادر التحسن شهية المخاطرة وتُكافئ مشتري الانخفاضات".

وقال "فيجاي فاليشا"، كبير مسؤولي الاستثمار في "سنشري فاينانشال"، إن أسعار النفط الخام لامست لفترة وجيزة أعلى مستوياتها منذ يناير، مدعومةً بتوقعات رد إيراني. وأشار إلى أن البرلمان الإيراني وافق على إجراءات قد تؤدي إلى إغلاق مضيق "هرمز". وأضاف: "لقد تفاعلت الأسواق في البداية مع المخاطر الرئيسية، لكنها تستعد الآن للخطوة الإيرانية التالية. وحتى التدخل المحدود في حركة ناقلات النفط قد يُعيد تسعير المخاطر الجيوسياسية بشكل كبير".

إلى جانب تحركات السوق الفورية، حذّر المحللون من تداعيات اقتصادية أوسع نطاقاً. فتعطيل المضيق لن يضرّ بإمدادات النفط العالمية فحسب، بل قد يوجه ضربةً لصادرات إيران نفسها. وحتى في غياب الإغلاق الكامل، قد يؤدي استمرار التوتر إلى ارتفاع تكاليف تأمين الشحن، وتأخير عمليات التسليم، وزيادة أسعار الطاقة والغذاء في الدول المستوردة.

وعلى وجه الخصوص، من المتوقع أن تتحمل دول آسيا، التي تعتمد اعتماداً كبيراً على نفط الخليج العربي، العبء الأكبر من ارتفاع التكاليف. يقول "خواكين فيسبينياني"، الأستاذ المشارك في المالية بجامعة "تسمانيا": "لا يوجد بديل حقيقي لنفط الخليج على المدى القصير. وبالنسبة لدول المحيطين الهندي والهادئ، قد تُجبر فواتير الاستيراد المرتفعة دولاً أخرى على خفض ميزانياتها. سيرتفع التضخم بينما تستقر الدخول، وهي ضربة مزدوجة للمستهلكين".

هذا وحذر من أن الدول ذات الحيز المالي المحدود قد تواجه صعوبة في الحفاظ على مستويات الإنفاق الحالية على البنية التحتية وبرامج الرعاية الاجتماعية. وأضاف قائلاً: "ستمتد هذه الصدمة إلى ما هو أبعد من منطقة الخليج، مما يُثقل كاهل الاقتصادات والمستهلكين على حد سواء".

موصى به

No stories found.
Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com