استراتيجية الشارقة الاقتصادية تُعزز نمو الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل قياسي

يتم وضع القطاع الصناعي في الشارقة، الذي يستضيف 35% من مصانع الإمارات، ليس كقطاع تقليدي بل كمحرك نمو جاهز للمستقبل.
منظر لواجهة المجاز المائية في الشارقة. في النصف الأول من عام 2025، سجلت الإمارة زيادةً مذهلةً في الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 361%، ليصل إلى 1.5 مليار دولار أمريكي.

منظر لواجهة المجاز المائية في الشارقة. في النصف الأول من عام 2025، سجلت الإمارة زيادةً مذهلةً في الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 361%، ليصل إلى 1.5 مليار دولار أمريكي.

تاريخ النشر

تُعيد الشارقة صياغة قواعد التنمية الاقتصادية في المنطقة، باختيارها مسارًا يجمع بين القوة الصناعية ورأس المال الثقافي والتنمية البشرية لتحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر. في النصف الأول من عام 2025، سجلت الإمارة زيادةً مذهلةً بنسبة 361% في الاستثمار الأجنبي المباشر، ليصل إلى 1.5 مليار دولار أمريكي، مقارنةً بـ 325 مليون دولار أمريكي في الفترة نفسها من العام الماضي.

بينما تتجه العديد من الاقتصادات الإقليمية نحو القطاعات الرقمية والخدمية، تُعزز الشارقة قاعدتها الصناعية والتصنيعية. وصرح محمد جمعة المشرخ، الرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار في الشارقة، لصحيفة "خليج تايمز" : "الاقتصاد المرن هو اقتصاد متنوع، ولكن يجب أن يرتكز على خلق قيمة ملموسة". ويُنظر إلى القطاع الصناعي في الشارقة، الذي يضم 35% من مصانع الإمارات ويساهم بنحو ثلث إجمالي الناتج الصناعي في البلاد، على أنه ليس قطاعًا تقليديًا، بل محرك نمو جاهز للمستقبل.

تعكس مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر الأخيرة في الإمارة هذا التحول، حيث تتدفق الاستثمارات إلى قطاعات التصنيع المتقدم، والأجهزة الطبية، ومكونات الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا الزراعية. لا تقتصر هذه القطاعات على توفير فرص عمل تتطلب مهارات عالية فحسب، بل تعزز أيضًا الابتكار والنمو القائم على التصدير. وأضاف المشرخ: "نشهد إعادة تقييم عالمية لمرونة سلسلة التوريد، وتتمتع الشارقة بمكانة مثالية لتكون مركزًا إقليميًا وعالميًا للتجميع الخفيف والخدمات اللوجستية".

لكن استراتيجية الشارقة الاقتصادية تتجاوز المصانع والبنية التحتية. فالاستثمار الثقافي يلعب دورًا محوريًا في تشكيل الهوية العالمية للإمارة واستقطاب المواهب. وصرح المشرخ: "يُقاس عائد الاستثمار في استثماراتنا الثقافية بجذب المواهب، وإيرادات السياحة، وقيمة العلامة التجارية". ومع جوائز مثل اختيارها عاصمة عالمية للكتاب من قِبل اليونسكو، وتصنيف فايا باليولاندسكيب مؤخرًا كموقع للتراث العالمي، أصبحت الشارقة وجهةً جاذبةً للمثقفين والمصممين والمبتكرين، وهم المحركات الرئيسية لاقتصاد المعرفة الحديث.

وقد تُرجم هذا الزخم الثقافي إلى فوائد اقتصادية ملموسة. فقد شهد قطاع السياحة في الشارقة نموًا مطردًا، مدفوعًا بالسياحة الثقافية والبيئية والتجاربية. وتجذب فعاليات رائدة، مثل معرض الشارقة الدولي للكتاب، والمنتدى الدولي للاتصال الحكومي، ومنتدى الشارقة للاستثمار، أصحاب الثروات الكبيرة والجمهور المتنقل عالميًا، مما يعزز قطاعات متنوعة، من تجارة التجزئة إلى العقارات.

يُعدّ تركيز الشارقة على رأس المال البشري حجر الزاوية في استراتيجيتها للاستثمار الأجنبي المباشر. ومن خلال مبادرات مثل مركز الشارقة لخدمات المستثمرين (سعيد)، تعمل هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (استثمر في الشارقة) بنشاط على تسهيل الشراكات بين المستثمرين الجدد والكفاءات المحلية. وصرح المشرخ قائلاً: "رأس المال البشري هو الركيزة الأساسية للاقتصاد الحديث. نحن نتابع جودة ومستوى مهارات الفرص المتاحة، لضمان تلبية متطلبات الاستثمار من خلال مجموعة مواهب كفؤة ومتطورة".

لعبت إصلاحات السياسات دورًا حاسمًا في تعزيز جاذبية الشارقة للاستثمار. فقد قامت الإمارة بتبسيط اللوائح، وسمحَت بالتملك الأجنبي الكامل في قطاعات مختارة، ورفعت معايير الشفافية. وقد ساعدت هذه المبادرات التي تركز على المستثمرين الشارقة على بناء سمعة طيبة كوجهة استثمارية آمنة، حيث يجد رأس المال عوائد مرنة.

يُعزز الحضور الدولي من جاذبية الشارقة للاستثمار. ومن المقرر أن تستضيف الإمارة الدورة التاسعة والعشرين من مؤتمر الاستثمار العالمي للاتحاد العالمي لهيئات ترويج الاستثمار (WAIPA) في أكتوبر، بالتزامن مع منتدى الشارقة للاستثمار. تُتيح هذه المنصات حوارًا مباشرًا بين المستثمرين العالميين والمسؤولين الحكوميين والمبتكرين المحليين، مما يُسفر عن صفقات استراتيجية وشراكات عابرة للحدود. وصرح المشرخ: "نُبرز بشكل استباقي جاذبية الشارقة وقدرتها على استقطاب تدفقات رأس المال العالمية".

إن الأثر الاجتماعي والاقتصادي لهذه الطفرة في الاستثمار الأجنبي المباشر واضحٌ بالفعل. ففي النصف الأول من عام 2025، شهدت الشارقة زيادةً في خلق فرص العمل بنسبة 45%، مع إضافة أكثر من 2500 وظيفة جديدة. وتسارع نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، لا سيما في قطاعي خدمات الأعمال والأغذية والمشروبات، حيث شهد قطاع خدمات الأعمال زيادةً في نشاط المشاريع بنسبة 500%، وزيادةً في التوظيف بنسبة 1100%.

بالنظر إلى المستقبل، يتوخى المشرخ نموذجًا اقتصاديًا جاهزًا للمستقبل، يجمع بين الثقافة والابتكار والاستدامة. وقال: "لا تقتصر استراتيجيتنا على تعزيز العوائد المالية فحسب، بل تشمل أيضًا توليد قيمة مضافة لجميع أصحاب المصلحة". ومن خلال نهج متوازن للنمو، ترسخ الشارقة مكانتها كواحدة من أكثر وجهات الاستثمار تكيفًا واستشرافًا للمستقبل في المنطقة.

موصى به

No stories found.
Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com