
يشهد ميدان العملات المشفرة تحولات كبيرة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إنشاء احتياطي استراتيجي للأصول الرقمية، مما أثار ما يطلق عليه الكثيرون "سباق التسلح بالعملات المشفرة". وقال خبراء العملات الرقمية إن هذه الخطوة الجريئة من شأنها أن تضع الولايات المتحدة في مقدمة الساحة العالمية للعملات المشفرة، مع إمكانية إحداث تأثيرات كبيرة في الأسواق المالية.
ومن خلال منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، كشف ترامب عن نيته إنشاء احتياطي استراتيجي للعملات المشفرة في الولايات المتحدة، وذكر على وجه التحديد خمس عملات مشفرة: بيتكوين، وإيثريوم، و إكس آر بي، وسولانا، وكاردانو. أرسل الإعلان موجات صدمة عبر الأسواق، مما تسبب في ارتفاع أسعار هذه العملات المشفرة بشكل كبير. على سبيل المثال، ارتفعت عملة البيتكوين إلى 94901.96 دولاراً قبل أن تستقر عند حوالي 91861 دولاراً. ويمثل هذا ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 20 في المائة تقريباً من انخفاض إلى أقل من 80 ألف دولار قبل أيام قليلة.
وفي منشوره، أكد ترامب على أهمية هذه المبادرة، قائلاً: "إن الاحتياطي الأمريكي للعملات المشفرة من شأنه أن يرفع من شأن هذه الصناعة الحيوية... مرسومي التنفيذي حول الأصول الرقمية وجه مجموعة العمل الرئاسية للمضي قدماً في إنشاء احتياطي استراتيجي للعملات المشفرة يتضمن إكس آر بي وسولانا وكاردانو". وهذا يمثل تحولاً كبيراً في السياسة الأمريكية، حيث إنها المرة الأولى التي يفصل فيها ترامب صراحةً دعمه لاحتياطي العملات المشفرة بدلاً من مجرد مخزون.
وتستند مبادرة الاحتياطي الاستراتيجي هذه إلى أمر تنفيذي وقعه ترامب الشهر الماضي، والذي سعى إلى استكشاف الأسس التنظيمية للأصول الرقمية. وفي حين لم يحدد هذا الأمر العملات المشفرة، فإن الإعلان الأخير يوفر مساراً أكثر وضوحاً لدمجها في الاستراتيجيات الاقتصادية الوطنية.
ويشيد الخبراء الماليون بهذا الإعلان باعتباره لحظة رائدة لسوق العملات المشفرة. وصرح "نايجل جرين"، الرئيس التنفيذي لمجموعة "دي فير": "إن تأييد ترامب لهذه الأصول على أعلى مستوى من صنع السياسات في الولايات المتحدة يدل على أن العملات المشفرة ليست هنا لتبقى فحسب - بل سيتم دمجها في الاستراتيجية المالية الوطنية لأكبر اقتصاد في العالم". ويعتقد جرين أن هذا التطور يمثل نهاية سنوات من عدم اليقين بشأن الأصول الرقمية، والتي كانت تواجه منذ فترة طويلة غموضاً تنظيمياً وتشكيكاً من المستثمرين المؤسسيين.
وتمتد تداعيات هذا الإعلان إلى ما هو أبعد من حدود الولايات المتحدة. وأشار جرين إلى أن دولاً أخرى قد تشعر بأنها مضطرة إلى الاستجابة، مما قد يؤدي إلى سباق عالمي لتبني الأصول الرقمية. وتوقع أن "تعزز هذه الخطوة شرعية الأصول الرقمية وقد تدفع البيتكوين إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 200 ألف دولار بحلول نهاية عام 2025".
ومن خلال إضفاء الطابع الرسمي على الاحتياطي الرقمي، لا تضمن الولايات المتحدة فقط حماية ضد التضخم فحسب، بل إنها تعمل أيضاً على تعزيز سيادتها الاقتصادية وتشجيع الابتكار في تكنولوجيا البلوك تشين. ويضع هذا القرار الاستراتيجي الولايات المتحدة في مرتبة متقدمة على منافسيها العالميين، مما يضغط على القوى الاقتصادية الأخرى لاتباع نفس النهج أو المخاطرة بفقدان ميزتها التنافسية.
بالنسبة للمستثمرين، يعتبر هذا الإعلان فرصة لبناء ثروة عبر الأجيال. تاريخياً، كان تبني المؤسسات للعملات المشفرة عاملاً محفزاً لزيادة الأسعار، وقد يؤدي هذا التطور إلى انطلاق واحدة من أقوى الارتفاعات في تاريخ البيتكوين. أشار جرين إلى أن التحول النفسي الذي يحدث عندما تعترف الحكومات بالعملات المشفرة كأصول أساسية من المحتمل أن يفتح الباب لتدفق هائل من رأس المال الجديد إلى السوق.
وأضاف "إن الاعتراف الرسمي بعملة البيتكوين وغيرها من العملات المشفرة كجزء من الاحتياطي الوطني يشكل لحظة حاسمة. ونتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى تسريع تبنيها على نطاق واسع، وجذب مستثمرين جدد وتعزيز دور البيتكوين كمخزن للقيمة".
إن الزخم الذي نتج عن إعلان ترامب ما هو إلا بداية. الولايات المتحدة على وشك تحقيق مكاسب كبيرة من خلال تأمين مكانتها في صدارة هذه الحقبة المالية الجديدة، مما يؤدي إلى خلق فرص عمل وتعزيز الابتكار في تكنولوجيا البلوك تشين. ومع متابعة الدول الأخرى عن كثب، الرسالة واضحة: جزء من المستقبل هو العملات المشفرة.
وقال المحللون إنه مع تطور المشهد المالي العالمي، فإن آثار هذا الاحتياطي الاستراتيجي قد تعيد تعريف كيفية تعامل الدول مع الأصول الرقمية، مما يمهد الطريق لعصر غير مسبوق من تبني العملات المشفرة والابتكار في المجال.