

وفي سوق أبوظبي العالمي، حيث عززت المنطقة الحرة المالية سمعتها كمركز جذب للشركات العالمية، تتراوح الإيجارات الآن بين 2800 و3500 درهم للمتر المربع سنويا.
يشهد قطاع العقارات المكتبية في أبوظبي طفرة قوية في النمو، بفضل ارتفاع معدلات الإيجار إلى مستويات قياسية والطلب المتزايد على المساحات المكتبية من الدرجة الأولى.
وبحسب تقرير "سوق الدقائق للربع الثاني من عام 2025" الصادر عن شركة الاستشارات العقارية العالمية "سافيلز"، فإن التنوع الاقتصادي المستمر في الإمارة، ومعنويات الأعمال القوية، والعرض المحدود، كلها عوامل ساهمت في خلق بيئة تأجير تنافسية للغاية، لا سيما داخل المناطق التجارية المتميزة.
سجلت منطقة الأعمال المركزية (CBD) زيادة استثنائية بنسبة 42% على أساس سنوي في أسعار الإيجار خلال الربع الثاني، مدفوعةً بتزايد الطلب ونسبة إشغال شبه كاملة في المباني الرئيسية. كما شهدت المناطق الخارجية لمنطقة الأعمال المركزية نموًا قويًا، حيث ارتفعت الإيجارات بنسبة 18% خلال الفترة نفسها. وشهدت أبراج تجارية بارزة، مثل برج بوابة المدينة وسوق أبوظبي العالمي (ADGM)، ارتفاعًا سنويًا في الإيجارات بنسبة 43% و30% على التوالي، مما يؤكد الإقبال المتزايد على المساحات التجارية الفاخرة.
داخل سوق أبوظبي العالمي، حيث رسّخت المنطقة المالية الحرة سمعتها كوجهة جذب للشركات العالمية، تتراوح الإيجارات حاليًا بين 2800 و3500 درهم إماراتي للمتر المربع سنويًا. وقد تعزز زخم التأجير بفضل توسعة نطاق سلطة سوق أبوظبي العالمي لتشمل جزيرة الريم في الربع الأول من عام 2025، مما أضاف ما يقرب من 500 ألف متر مربع من المساحات التجارية. ونتيجةً لذلك، ارتفع عدد الشركات المرخصة العاملة في سوق أبوظبي العالمي بنسبة 43% على أساس سنوي ليصل إلى 2781 شركة بنهاية الربع الأول، بينما نما قطاع الخدمات المالية وحده بنسبة 26%.
وقد انعكس هذا الطفرة في الإشغال والنشاط التجاري أيضًا في توسع القوى العاملة في جزيرة المارية، حيث تجاوز عدد الموظفين 29 ألفًا - بزيادة قدرها 17% عن العام السابق.
عزا ستيفن فوربس، رئيس قسم أبوظبي في سافيلز الشرق الأوسط، قوة السوق إلى تنامي جاذبية الإمارة كوجهة تجارية عالمية. وقال: "تواصل أبوظبي استقطاب مزيج متنوع من المستأجرين الإقليميين والدوليين، وقد عزز التوسع الأخير لسوق أبوظبي العالمي في جزيرة الريم هذه الجاذبية. ومع تزايد عدد الشركات العالمية التي تؤسس وجودًا لها في العاصمة، نشهد تحولًا واضحًا نحو مساحات أكبر وعالية الجودة".
في النصف الأول من عام ٢٠٢٥، كانت الشركات العاملة في قطاعات الخدمات المصرفية والمالية والتأمين والاستشارات والتكنولوجيا وصناديق التحوط هي المحرك الرئيسي لنشاط التأجير. وقد تزايد الطلب على وحدات مكتبية كبيرة تتراوح مساحتها بين ١٠,٠٠٠ و٢٠,٠٠٠ قدم مربع، مما يعكس الدور المتنامي للمدينة كمقر إقليمي للشركات العالمية.
على الرغم من الطلب القوي، لا يزال المعروض من المكاتب الجديدة محدودًا نسبيًا. من المتوقع تسليم حوالي 100,000 متر مربع فقط من المساحات التجارية في عام 2025، ويأتي المخزون الجديد بشكل رئيسي من مشاريع مثل ساحة مدينة مصدر وياس بليس. ومع ذلك، تشهد هذه المشاريع بالفعل مستويات عالية من التأجير المسبق، مما يشير إلى قوة الطلب الأساسي. ومن المتوقع إضافة 100,000 متر مربع أخرى من المساحات بحلول عام 2027 من مشاريع تطويرية مثل ون ماريا بليس ومجمع السعديات للأعمال.
تتوقع سافيلز أن يستمر التفاوت المستمر بين العرض والطلب في الضغط على إيجارات المكاتب الرئيسية خلال الفترة المتبقية من العام. وأشار التقرير أيضًا إلى أن مكانة أبوظبي كسوق مستقرة وشفافة ذات أطر تنظيمية قوية كان لها دور فعال في جذب المستثمرين والمستأجرين العالميين.
ينعكس هذا الشعور في نتائج تقرير دوبيزل لسوق مبيعات العقارات في أبوظبي للنصف الأول من عام 2025، والذي يُصنّف الإمارة كواحدة من أكثر وجهات الاستثمار العقاري جاذبيةً في المنطقة. وقد ساهم ارتفاع قيم المعاملات في قطاعات السكن بأسعار معقولة، ومتوسطة المستوى، والفاخرة في تسارعها بفضل مزيج من ارتفاع الأسعار، وإقبال المستثمرين، وتنامي الثقة في الرؤية الحضرية طويلة المدى لأبوظبي.
لقد ساهم إطلاق منصات عقارية رقمية مثل "مدعمون"، الهادفة إلى تحسين الشفافية وسهولة المعاملات، بالإضافة إلى مشاريع تطويرية بارزة مثل ديزني لاند المرتقبة في جزيرة ياس، في تعزيز جاذبية المدينة الاستثمارية. وتدعم هذه الجهود مشاريع بنية تحتية واسعة النطاق تُحسّن الاتصال وسهولة الوصول، مما يضع أبوظبي كبديل تنافسي للأسواق الإقليمية الأكثر تشبعًا.
بشكل عام، تعكس قوة قطاع المكاتب في أبوظبي اتجاهات الاقتصاد الكلي الأوسع. فقد نما الاقتصاد غير النفطي للإمارة بنسبة 6.1% على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2025، ليساهم الآن بأكثر من 56% في الناتج المحلي الإجمالي. وينعكس هذا التحول، الذي يُعد جزءًا من استراتيجية رؤية أبوظبي 2030 لتنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط والغاز، في ثقة مستدامة من المستثمرين وبيئة تجارية نابضة بالحياة وتطلعية.
ويتوقع محللو سوق العقارات أن سوق المكاتب في أبو ظبي مهيأة لمواصلة النمو، وذلك في ظل العرض المحدود الجديد، ونشاط التأجير المسبق المرتفع، والتدفق المستمر للشركات العالمية.